لا نريد عنب اليمن، ولا نريد قتل الحوثيين، فالرازقي، وما شابهه من العناقيد المسكرة أهل اليمن أولى بها، فأهل الخليج ليسوا مثل تلك الأقوام التي بغت على بلح الشام، واستوطنت في إقليم «التفاح»، وأفسدت نخيل سواد العراق، وتطمع في عنب اليمن، ولها في كل بلد قرص وحزب ومليشيات تتستر بالتاريخ، وترفع المصاحف على أسنة الرماح، مطالبة بغلة رحلة الشتاء والصيف. «عاصفة الحزم» جاءت بعد صبر على الغازي، وبعد حكمة في التعامل مع الجار، وبعد نصيحة للناوي على خراب اليمن، وفق حساباته الصغيرة، والضيقة، جاءت بعد أن فاض الكيل بالحليم، فلا أحد يرضى بأن تلوث مياه يشرب منها الأبناء أو تنتزع من الأرض عروق الأجداد، لا نريد غير أن يسعد اليمن - غير السعيد - وأن تعاد الشرعية، وأن ترجع جميع الأطراف السياسية المتخاصمة للمسار، دون إقصاء أو تهميش لطائفة أو عشيرة أو قبيلة أو نخب سياسية مؤدلجة، لا يرغب أهل الخليج من اليمن، إلا أن يبقى لأهله، وأن يحافظ على عروبته، وينعم باستقرار، وتنمية يستحقها ومنذ زمن طويل، بعيداً عن السياسة غير «الصالحة» التي جيّشت الجميع ضد الجميع، واستنزفت اليمن بالفساد والأسلحة، والتخلف الاجتماعي، من أجل أن يبقى ممسكاً بعصا الجنرال الكاذبة، ويتربع على عرش، لا يمت لعرش بلقيس، ولا لأقيال اليمن. من أوقع اليمن في أحضان إيران؟ أعتقد أنها سياسة أن يكون الزعيم، عسكرتارياً، وزعيم حزب، ورئيس قبيلة، وديكتاتوراً أوحد، حتى في توحيد الشطرين، تأخرت عدن، ولم تتقدم صنعاء، وساهمت طبيعة المجتمع اليمني المغلق من جهة، والمنفتح من جهة أخرى، المتعلم من جهة، والجاهل من أخرى، القبلي من جهة، والأممي من جهة أخرى، هي فسيفساء المتناقضات، جعلت أي مشاريع للتنمية تفشل، وأي محاولات لإعادة تأهيل البلد، كما هو حال مشروع مجلس التعاون الخليجي قبل عشر سنوات، من أجل استقطاب اليمن ضمن منظومة المجلس الخليجي، تهزم، ووجدت المقاومة، وتشتيت الجهود، حتى السياحة المصدر العالي للدخل الوطني، ظلت تضرب بعمليات الاختطاف والفدية، ثم ظهرت، وعشعشت الجماعات المتطرفة بأشكالها في بلد مهيأ تضاريسياً، واجتماعياً، والتي بدورها مهدت الطريق لظهور الإرهاب. لم يكن وجود خمسة آلاف خبير إيراني، بين عسكري، ومدرب، وأيدولوجي ديني، وأقنعة وعمائم كثيرة في اليمن من أجل الخير والحق والجمال، ولم تكن منصات صواريخ «أسكود» المنصوبة في اليمن، والموجهة صوب القبلة من أجل تحية الحجاج!