منذ أيام عدة، شهدت مدينة أبوظبي افتتاح حديقة المشرف المركزية في أبوظبي، بعد عملية تطوير دامت قرابة السنتين، وحديقة المشرف من أكبر وأقدم الحدائق في أبوظبي، وكان مستوى التطوير الذي شهدناه بعد الافتتاح أكثر من ممتاز، من حيث التخطيط والفكر والجودة والتنفيذ، والحقيقة أنني كلما شاهدت مشروعاً على هذا المستوى من الإتقان، بقدر فرحتي به لوجوده في بلادنا، بقدر ما يصيبني هاجس الاستمرار..! هاجس الاستمرار، هو تساؤل دائم لمن ينظرون إلى المستقبل، فمن الرائع أن نرى الأفكار والمشروعات والنمو والتوسع، ولكن هل لدينا القدرة على الاستمرار بنفس المستوى..؟ الحدائق بشكل عام هي أحد معايير قياس تقدم المجتمعات، وكلنا نعرف الحدائق الشهيرة التي تعرف بها عواصم كبرى في العالم، وكلنا نتمنى أن يصبح لدينا حدائق مثلها بقدر جمالها واتساعها وخدماتها. وإذا نظرنا إلى تلك المدن العالمية سنجد أن هناك حدائق مستمرة بنفس المستوى والتألق منذ عقود أو قرون، حتى أنها أصبحت أشهر من المدن نفسها، أو على الأقل أحد معالمها. لدينا نحن أيضاً حدائق قديمة، ولكن إذا استعرضنا تاريخها، سنجد أنها في حالات صعود وهبوط دائم، نطور إحداها، ويستغرق التطوير شهوراً أو سنوات، ونفتتحها ونسعد بها لفترة وجيزة، ثم تبدأ مرحلة الهبوط لسنوات، ثم نتذكرها، ونقرر إعادة تطويرها وافتتاحها.. وهكذا..! المطلوب هو أن تكون لدينا حدائق وطنية دائمة، ثابتة المستوى، أو لنقل متزايدة المستوى والنمو والتحضر، دعونا من الماضي، ولنبدأ من جديد، ولتكن البداية من حديقة المشرف المركزية، التي رأيتها أكثر من رائعة، واستقبلت عشرات الآلاف من اليوم الأول. علينا أن نتعاهد بأن تظل المشرف حديقة مشرقة ومتألقة دائماً، وأن تسهم في تنشيط الحياة الاجتماعية بمدينة أبوظبي، من خلال استقبالها أحداثاً ثقافية واجتماعية، حتى في فترة الصيف، فلا يجب أن نهملها وأن تصبح حديقة موسمية. وحياكم الله..