في الوقت الذي تحالفت فيه الولايات المتحدة مع بعض القوى الإقليمية في سنوات الثمانينيات للوقوف في وجه الاتحاد السوفييتي ايام غزوه أفغانستان في واحدة من مراحل الصراع بين القوتين العظميين فترة الحرب الباردة، ظهر مصطلح الأفغان العرب الذين ينتمون لجنسيات عربية مختلفة وذهبوا للجهاد في أفغانستان تحت أكذوبة الوقوف في وجه الخطر الشيوعي، وفي الحقيقة فقد تم الدفع بهم لمنطقة الصراع في أفغانستان لأسباب مختلفة، وحين انتهت الحرب خرج من عباءة أولئك المقاتلين تشكيلات جهادية متطرفة أبرزها القاعدة، وشكل أولئك المقاتلون اشكالا كبيرة لدولهم العربية فقد كان من الصعب إعادة اندماجهم في بنية المجتمعات التي تركوها لسنوات وعاد معظمهم وهم يحملون فكرا مختلفا وقناعات متطرفة ونفسيات غير سوية أيضا، ومنذ تلك السنوات والتطرف يجتاح العالم العربي ولا يبدو أن هناك حلا جذريا في المدى المنظور! اليوم تضرب طائرات الحلفاء معاقل تنظيم داعش في بلاد الشام والعراق، ويتصدى الجيش العراقي لمراكزه في العراق بهدف هزيمته وتفكيكه، ولكن ماذا بعد تفكيك القواعد، والقضاء على القوة العسكرية للقاعدة وداعش وجبهة النصرة و... ماذا عن الفكرة المتطرفة التي غرست في الارض منذ الثمانينيات وربما قبل ذلك، هذه هي الأزمة الكبرى التي ستواجه الدول التي صدرت هؤلاء لمنطقة الشام والعراق وليبيا وسيناء وغيرها من المناطق، ازمة اعادة استيعابهم في المجتمع باعتبارهم مواطنين عاديين وهو الأمر الذي يبدو مستحيلا جدا! قرأت تحليلا دقيقا في هذا السياق منذ سنوات يقول إنه لا مهرب ولا خلاص لمن جرب هيجان القتل، لقد ذاق هؤلاء طعم العنف، وهذا هو الشرط اللازم لكل جندي، حيث من غير الممكن خوض الحرب بطريقة أخرى، إن رفاق المتاريس الفظة والصراخ الصارم الذي يطلقونه معا في المعارك، وعدم المبالاة المشتركة حيال الألم والخوف هو ما يجعل الجندي يشعر بأنه حي، تلك المتعة القاسية في اختراق جسد الضحية بالرصاصة والقنبلة والسكين، تلك القوة الشيطانية في بتر حياة إنسان آخر، ذلك الافتتان بالدم المسفوك، هذا ما يجعل مقاتلي داعش يستمرون في قتلهم الأعمى من دون تفكير، إن هزيمة هذه القوة الشيطانية ستشكل مأزقا حقيقيا، حيث سيكون من المنطق إبادتهم ومعاملتهم بالطريقة ذاتها، وستكر مسبحة العنف! كانت الحرب ادمانا قويا ومتسلطا يبدأ بالقتل دفاعا عن الدين والحرية، لكنها تنتهي بأعمال قتل مرعبة بدافع الاستثارة!