•في عذابه وألمه من الغيرة، يسألها دون أن يسمعها صوته: ألا ترين مابي؟ ألا يلسعك لهيب احتراقي! •تعاتبه على تبدل أحواله، فيسألها دون أن يقولها: ترين ‏كل هذا.. ولا ترين موتي على أعتابك! •يصرخ في الشوارع.. ويبتلعه الألم. هكذا كان حال بخيت منديل بطل رواية «شوق الدرويش» للكاتب السوداني حمور زيادة، المرشحة ضمن القائمة القصيرة لجائزة الرواية العربية البوكر، هكذا كان ذليلًا بحبه، ورغم ذلك فقد كان أسطورياً متوهجاً في رجولته، تسمع صخب حبه من عينيه... وتشعر بفوضى دقات قلبه من كلماته. في الحب •يريدها.. فتخبره: جئتني بعد فوات الأوان. • فيرد عليها: قولي لي متى كان الأوان.. سأرجع بالزمن إليه. سأخبر الشمس أن تعود للوراء. سآتيك قبل فوات الأوان. في جمل عابرة للروح وغائرة في القلب، يبدو للشوق حضور خاص، مؤلم وجارح ولكنه ‏شهي، كعيون ثيودور الحسناء اليونانية التي عشقها بخيت منديل الأسود الذي أسترق منذ أن كان طفلا وقبل أن يعرف لنفسه اسماً، ليعيش عبداً باقي حياته. وحتى عندما يصبح حراً، يختار العودة لعبودية الثأر لحبيبته. وقد اقتنع أن الحرية الحقيقية في الإخلاص للقيد. عاش أسيراً لعشقه والانتقام لعشيقته. يصنف العمل «شوق الدرويش» من نوع الرواية التاريخية المتخيلة، تدور أحداثها فترة الثورة المهدية في السودان وما بعد موت المهدي، وهي بذلك مكتملة الحضور الاجتماعي والسياسي كخلفية مناسبة للشخصيات الرئيسية التي أراد لها حمور زيادة الكاتب أن تعيش وتتحرك. امتلأ العمل بالشخصيات التي سترهق القارئ وتتسبب في إرباكه، ولكنها ستتشابك في خط سير الشخصيتين الرئيسيتين في العمل، وهما العبد بخيت والراهبة اليونانية التي استرقت فيما بعد وأصبح اسمها حواء. وبين الشخصيتين تتناقض كل الوقائع والمشاعر. وبين هذا الثراء يأتي التشبيك السردي للعمل نقطة الضعف القاتلة لجودته، فالتقنية التي استخدمها الكاتب في التقدم والتأخر والعودة ثم المضي ثم التوقف ثم بعد ذلك العودة، لعرض أحوال شخصيات مختلفة وكثيرة، جعلتنا أمام مشاهد أقرب لتركيب الأحاجي في لعبة بازل، مربكة بما يكفي لعدم اكتمال بهجة القراءة بالعمل، وإن كان بعضهم وجد في شوق بخيت وعذاب ثيودور ما يكفي للاحتفاء ببهجة العمل.