تعالوا نصلي .. صلوا للحب، إنه الأصابع البيضاء، ممدودة في أحشاء السماء تضيئها النجوم والقمر حارس أمين يقبض على شياطين الكره، ثم يدفعهم في وعاء التلاشي حتى تموت الأعشاب الشوكية ويصبح الكون حقلاً مزروعاً بوردة عملاقة اسمها حب الجمال. تعالوا نصلي لأجل من عشقوا الحياة، ومن كتبوا القصيدة على قرطاس القلب، ثم رتلوا الحكاية من البداية حتى النهاية، وفي البدء كانت النطفة التي أعلنت صرخة الميلاد، وعن شجرة علقت على أغصانها أجنحة الطير، حتى صارت الأجنحة عناقيد حب، يحصدها الذين آمنوا أن الحياة لا تمكث طويلاً طالما غمست أطرافها في مواقد الحقد، وأن الحياة تصبح مثل خنفساء الروث إذا ما اتسخت بالغبار إثر صراع النفس الأمارة والنفس اللوامة، والأشياء لا تضيء إلا إذا غاصت في اللا شيء، الأشياء وحدها تزخر بالبريق إذا ما أعطيت خاتم الفرح، وتغاضى الإنسان عن تجاعيد الجبين ساعة الخلاف مع الآخر. صلوا للحب تتبارك خطواتكم وتكبر أفنية القلب، والروح طائر يحلق في سماء السعادة محتفياً بضيوف العشق الذين يؤمون موئله بكل حصافة وفصاحة ولا يخافون الوقوع في خديعة ابن يعقوب. أنتم العشاق وحدكم الذين تبنون منازلكم عند البرزخ، أنتم وحدكم الذين تجنون الثمرات ساعة التخلص من ذيول ثقافة موبوءة، بالأشكال الهندسية الفجة، اللون والعرق والدين. الله محبة، ولا تقولوا مثلما قالت رابعة العدوية، «من كثر حبي لله لم يبق في قلبي مكان لكره الشيطان»، بل قولوا إن الحب إذا اتسع وعاؤه صار سماء زرقاء بلا غيوم حمضية. تعالوا نصلي للحب، لذاك الذي خلص ابن مريم من عواهن المخادعين، أو ذاك الحكيم، الذي استنجد بالحب عندما ضاق عليه فناء خيمته، فضم وأوى الصديقين، في ساعة عسر في مكان لا يؤوي أكثر من شخص. تعالوا نصلي للحب، فالله محبة، والسلام فاتحة الالتحام ما بين أنا وأنت وهو .. تعالوا نصلي للحب، ونكحل عيون النجوم، ببريق الحب، ونخيط قماشة القمر من أهداب الشمس، ونعلن للوجود أن الحياة سمكة إن أخرجتها من الحب كما تخرج السمكة من الماء تموت. تعالوا نصلي للحب، ونرفع النشيد عالياً، أيها العشَّاق، الدعوة إلى الحب لا تكفي، بل يجب أن نعيشه ونؤمن أن اليقين الحقيقي هو إيماننا بالحب كطريق إلى الجنة.