في الحرب على الإرهاب، يدخل القاسم المشترك، ما بين دولتين ليستا على خطٍ متواز في المعتقد، وإنما في الخط المستطيل المتقابل نراهما، في التدخل في الشأن العربي.. لماذا؟.. القراءة، للبعد السياسي، تدلنا على أن هناك لا شعوراً جمعياً، يؤلف بين إيران وتركيا، في اندفاعهما، باتجاه المشرط الذي جرح الواقع العربي، وجعله عرضة لنهب الأيديولوجيا السياسية، والأطماع، التاريخية.. إيران استغلت الضعف العربي، فانتبهت إلى ماض قديم تريد إيقاظه، واستعادة مجد وهمي، وكذلك تركيا لم يزل الحلم العثماني يشكل هاجساً قوياً ومقلقاً في رأس الأردوغان، ولكن هذه المرة، بصورة معدلة، ترتدي ثياباً إخوانياً تارة، وتارة أخرى ترتدي ثوباً ليبرالياً مغموساً بدم عثمان. المهم في الأمر، ما كان لإيران أن توقظ البائد ولا لتركيا أن تتدغدغ بأظافر ماضوية لولا غياب الحلم العربي واندثاره تحت ركام من حروب داحس والغبراء السياسية، التي أضعفت الأثر العربي، وخلخلت موازينه، بحيث صارت كل دولة عربية تغرد خارج سربها العربي وتفسر النص التاريخي العربي حسب معطيات واقعها ضيق النظر.. والآن، وبعد أن صار الفأس في الرأس، صار لا بد أن يعي العرب أن قوتهم في تآلفهم وقبولهم لأطيافهم السياسية مهما بلغت من ألوان فاقعة لأجل وضع حد جازم وحازم، لهذا الاندفاع، الشيطاني لدول إقليمية كبرت وتضخمت على حساب الترهل العربي، وبالفعل بات العربي اليوم على مقربة من تقاسم رغيف الهم القوي واتضحت الصورة لدى الجميع، لكي يقفوا يداً بيد، وكتفاً بكتف، لصد العدوان عن حياضهم ومواجهة الحقد التاريخي بوعي، ودراية حفاظاً على التاريخ، وصيانة للمكتسب الوجودي، فلا يمكن لبقاء على الأرض والقوى الأخرى تتورم، وتتوسع وترش مياهها الساخنة كي تحرق الأوراق، وتشوي الوجوه. العرب بحاجة إلى التفاهم على قواسم مشتركة للحفاظ على الوجود ولسد القدود ومنع المخالب من التوغل إلى الجسد العربي.. العرب بحاجة إلى هبَّة سياسية تمنع اندفاع الأطماع، وتكبح جماح الخيول الرافسة على تراب العرب.. العرب أقوياء في تفاهمهم، أشداء في تراحمهم على بعض، والآخرون لن يتقهقروا إلا إذا تعافى الجسد العربي وصحت بنيته وتخلص من الضعف.