ما قاله «علي يونسي» مستشار الرئيس الإيراني للشؤون الدينية والأقليات، في معرض حديثه عن التاريخ الإمبراطوري لفارس، بأن «العراق ليس جزءا من نفوذنا الثقافي فحسب، بل من هويتنا، وهو عاصمتنا اليوم، وهذا أمر لا يمكن الرجوع عنه، لأن العلاقات الجغرافية والثقافية القائمة غير قابلة للإلغاء، ولذلك فإما أن نتوافق أو نتقاتل»، ليس من باب الطيش السياسي الذي تستخدمه إيران بين الحين والآخر، وحينما تخلو ميادين القتال التي تلعب فيها، وتكون هناك بمثابة استراحة المحارب، يظهر ديني أو برلماني أو جريدة محسوبة على الحكومة، وتطلق قنبلة انشطارية هنا.. وهناك، وهو أمر اعتاد عليه العالم، فما عاد الناس كثيراً يفرقون بين جد الحديث، وهزل السياسة، ولا بين ما يتنطع به محاربو الشيطان الأكبر، وهو في بيتهم أو هم في حضنه، ولكنها الفرص التي أتيحت لإيران لتلعب دوراً، قد يتجاوزها جغرافياً، فهي اليوم في أماكن كثيرة تعلن الحرب، وتنشئ الكيانات الطائفية، وتتاجر بضمائر المنهزمين، في لبنان، وفي سوريا، وفي اليمن، وفي العراق، وعلى حدود أفغانستان، والجمهوريات الإسلامية «السوفييتية»، توزع أموالها، وكتيباتها، وترسل مبشريها إلى المغرب العربي وموريتانيا وأفريقيا السوداء. وقد لا يخفى على الجميع أن هناك دولتين تتقاسمان الصراع الوهمي في الوطن العربي، هما تركيا وإيران، الصديقتان اللدودتان، وتكاد تكون إيران أنشط رغم «الحصار الناعم» عليها منذ سنوات، لكنها لا تزال تلاعب الدول المتقدمة على الملف النووي، أن هذا التواجد الإيراني في مناطق كثيرة لم يأت من بعد انتصارات عسكرية إيرانية، ولكنه أتى من بعد هزائم في الداخل، ولعب على المتناقضات الاجتماعية والثقافية، وفساد الضمير الوطني أمام سيل العملات. ولو دققنا في أمور كثيرة بعد ما تولى «الملالي» سلطتهم «الثيوقراطية» أنهم فتحوا جبهات نضالية خارجية، ولن تنتهي بسهولة، لسهولة التباكي أمام الشعب المتخم بالحراك الاجتماعي، ومسألة التغيير السياسي، وطلب الحريات المفقودة على كافة الصعد، والمناداة بالعصرنة، أن إيران مظلومة من كافة الأطراف، ولابد لها أن تنال حقها «التاريخي» واستراتيجية موقعها «الجغرافي»، فهي ما تنفك تدعو بإرث إمبراطوريتها الفارسية البائدة، من الإيجابيات التي تعدها إيران بفتح الجبهات الخارجية النضالية، والحرب بالنيابة، هو تجييش الشعب، ومده بأحلام «طوباوية»، وجعله مستعداً لأي مغامرات سياسية يمكن أن تحدث، أو تجر لها إيران بفعل «دولي»، ولا ننسى أن إيران سوق كبير، ومحروم طيلة 36 عاماً، فكل الأشياء فيه بحاجة للتجديد والتغيير والاستبدال «الأجنبي»!