أن تسمع عن إطعام أم لحم ابنها على يد داعش، وأن تفكر في الأمر ملياً، تجد نفسك أمام معضلة وجدان بشري، بدأ يتهشم ويتحول إلى كتل نارية مريعة.. والحديث الآن ليس عن جماعات متطرفة أو ما شابه ذلك، بل إن الأمر تعدى ذلك بكثير، وأصبح الزمن الإنساني بأيدي كائنات خرجت عن طوق العقل، وأن الصراع لابد وأنه سيتطور إلى حد الاختلاط والانخراط في أتون حرائق لا أحد يعرف مصدرها، لأن الموت الذي نراه أمام أعيننا، والبشاعة التي تطوي الحقائق كطي السجل لا يمكن أن يكون مصدره بشراً عاديين تطرفوا وانحرفوا، واختاروا طريقاًِ غير طريق الواقع.. الأمر قد تعدى حدود العقل، وأن ما يتم تنفيذه على يد داعش لابد وأن يتوقف عنده العالم وبخاصة من يدعم هذا التنظيم المفزع، لأن من يتصرف بهذا السلوك العدواني البغيض والمقزز لن يتورع في يوم من أن يمد يده ليقطع اليد التي امتدت له، لأن المجرم لا توقفه قيم ولا مبادئ ولا أعراف ولا حتى مصالح، المجرم يفعل ذلك، لأنه تحالف مع الموت، عشق الموت، ولا يرى في العالم غير الخراب الذي يشعره بالسعادة.. إذاً لابد وأن يفكر من يقفون وراء هذا التنظيم، على أقل تقدير بأنفسهم فقط وسيرون أن معادلة الحياة هي أن «كما تدين تدان والديان لا يموت» وأن من يتسلى الآن بقتل الأطفال والنساء والضعفاء لن يكون مصيره حتماً إلا مثل هذا المصير وأكثر، ومهما تذرع الأدعياء والمفترون، فإن قتل طفل بريء ومن دون ذنب كمن يقتل الناس أجمعين، والقاتل يقتل ولو بعد حين، لذلك فإن كل ما نريده ونتمناه، أن يصحو أصحاب العقول المستبدة وأن يعلموا أن «داعش» ليس إلا كتلة من الجحيم لابد من إطفائها حتى لا تتدحرج إلى أجساد الداعمين والمؤيدين والذين يسهلون الدعم اللوجستي والمادي.. فلا أعتقد أن من هدم قبر المعري أو دمر التماثيل في الموصل سيمتنع في يوم من الأيام عن فعل ما هو أشد وأنكأ.. فإذا كان العالم جسداً واحداً فإن داعش مرض خبيث، فلابد من استئصاله قبل أن يتفشى في سائر الجسد، وبعدها لن يفيد الندم بعد أن يصبح العدم طريق البشرية إلى الزوال.