هذه هي الحرية التي جاء بها الربيع العربي، والذي أفرز العتاة الطغاة الذين يعاقبون الناس على معتقدهم ويعدمون الآخر لأنه ليس من ملتهم، وملتهم تقوم على الفحشاء والمنكر والبغي وقطع الأعناق.. هكذا تفعل داعش، وهكذا بنيت مبادئ هذا التنظيم الهلامي الذي جاء من أقاصي الدنيا ومن مجاهل الكون ليعلم الناس الإسلام، ويسطر في أجندته العدوانية هذا التنظيم الذي بات يحلم بدولة إسلامية مستندة على البطش والاستيلاء والاستلاب والاغتصاب. تنظيم أخرج الناس من ديارهم وعرى الأطفال وشرد النساء وأغرق عيون الرجال بالحسرة والندم.. إعدام الـ21 قبطياً في ليبيا، لدليل على أن هذا التنظيم يعمل على دفن القيم الإسلامية السامية وتشويهها والمتاجرة بالشعارات لأهداف الظاهر والباطن منها يدل على أن مايسمى الربيع العربي والخريف سيان طالما بقى الفكر يغط في مستنقعات التخلف والانزواء والانطواء والأخذ بناصية العنصرية الفجة. والآن وبعد كل هذه الجرائم ألا يجب أن يعي العالم أن ما يفعله تنظيم داعش لا علاقة بالدين لا من قريب أو بعيد وإنما هو انزياح معرف باتجاه التفتيت والتشتيت وتحويل المنطقة إلى قطع شطرنج تستولي عليها دوائر خفية ، وعملت وتعمل منذ زمن بعيد على تحقيق هذا الهدف والآن جاء الدور المنوط لهذا التنظيم، والذي أجاد الدور، وحقق جزءاً مهماً من الأهداف، حين وصّف أفعاله أنها بدوافع إسلامية، وقد تلقفت وسائل إعلام غربية، وأنشدت أناشيدها المعتادة. مقتل الأقباط في ليبيا عمل يستحق كل الأوصاف والنعوت البذيئة لأنه في الحقيقة أسلوب لا يلجأ إليه إلا كل ذي مشاعر متخشبة وقلب من حجر، فالأقباط الذين ذهبوا إلى ليبيا لم يصطفوا مع هذا أو ذاك وإنما هم سعوا لكسب الرزق، وفي النهاية يلقون حتفهم على أيدي أناس يقطعون الرزق والعنق بدم بارد.