سأل صديقي: ما هو أقدم جسر في دبي أو الإمارات؟ تعجبت للسؤال فالجواب يعرفه كل شخص في دبي، بل في الإمارات. لكن الجواب لم يكن صحيحاً قال صاحبي. دهشت من رده، خاصة وأنا أعلم أن جسر المكتوم هو أقدم جسر في دبي. لقد عبرته كثيراً مع طلاب ثانوية دبي من جميرا إلى ديرة وبالعكس. قال صديقي: أنا كنت مثلك أعرف أن جسر المكتوم القديم هو أقدم جسر في دبي، ولكن بالأمس جاء رجل من الشندغة يسأل عمن يحتفظ بصورة عن جسر قديم في دبي كان وهو صغير يسبح تحته مع أصدقائه. الشباب من أهل الشندغة أجابوا أن لا جسر في دبي غير جسر المكتوم. وبتصميم المتأكد أكد أن مكانه يقع بين المربعة/ الحصن، أمام منزل الشيخة صنعا بنت مانع في الشندغة وبين مبنى المالية الآن. ولكن لماذا يكون بصورة موازية للخور وليس على امتداد ضفتيه؟ والإجابة أن الخور في حالات (المزر) أي فيضان البحر، خاصة في فترة الشتاء، حيث يعبر الماء بقوة بين (المربعة) والمبنى القديم الذي حلت مكانه الآن المالية، عبورا أمام سينما بلازا الآن، يتحول إلى مساحة كبيرة تسمى (الغبيبة) وهي تصغير لكلمة (غبة) أي غزيرة العمق. هناك تتجمع المياه، ويصعب على سكان الشندغة العبور إلى المناطق الأخرى، وبما أن مسكن الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم يقع في الشندغة ويصعب الانتقال إلى منطقة الفهيدي، حيث مقر الحكومة فإنه طلب من البنائين أن يصنعوا وسيلة لعبور البحر. ويفيد أحد أبناء البنائين القدامى بأن والده كان أحد هؤلاء. ويفصّل بأنهم أحضروا براميل كبيرة أقاموها على امتداد ضفتي الماء في أضيق منطقة، ثم مدوا الأعمدة والأخشاب، فكان الجسر. ويؤكد البنّاء القديم أن ذلك كان عام 1943، واستمر الجسر يعمل حتى سنة 1950 ثم أزيل أو تهدم. تأتي أهمية هذه القصّة بأنها توثق لبداية ظهور الجسور والمعابر في الإمارات، والجسور في الإمارات حدث فريد غيّر طبيعة المدن والمناطق، ووسائل النقل والعبور. إن عبورك الجسر أو انتظارك على الجسر هو انتقال من بيئة إلى أخرى، لحظة زمنية صغيرة ولكنها عظيمة في الوجدان.