بأناملها البدوية الصحراوية، تحيك قماشة الحياة من صوف التعب، من وَبَر الدفء الأنثوي، من شعر المحيطات الرملية، الذاهبة في عمق الوجود، الناهلة من أنفاس الملهمات بالصبر.. هذه المرأة الصحراوية، نبت الكثيب الخصيب أخت النخلة، رديفة الغافة المذهلة، هنا في هذا المكان التاريخي هنا في قلب الموجود، بوجد وجد ومجد، تخيط رداء الخيمة بالنول، وشيمة الأنثى الوفية الصافية، تواجه السماء بوجه نصع بالعفوية، وعينين لمعتا ببريق الأمل، لكي تستمر الحياة، كان لا بد أن تبقى القماشة نقية ملونة بالأحلام الزاهية، كان لا بد أن تزدهر الصحراء بلون الأنامل المخضبة بحناء المثابرة، والمبادرة والمغادرة دوماً إلى حيث تجول الإبل بين طيات الرمل، تبحث عن عشبة خضراء وعن رقراق يذهب العطش.. وعندما تدون هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة هذا المسعى الحضاري، وتضعه في آنية بيضاء ناصعة، كي يتناولها الجيل الجديد، بأناة ومهل، ويقطف من ثمارها ما يلهمه السير قدماً باتجاه الحياة، مطوقاً بالحب وشغف الانتماء إلى ماضٍ كان يفيض بالعطاء، كان يزخر بالعشق لكل ما هو إبداع ويراع.. لا يسكن القلب هادئاً عندما يقف على المشهد الحضاري الذي تقوم به الهيئة، ويتناول من قطافها ما هو جزيل وفضيل وأصيل، وعليل وسلسبيل، ويمضي في عمق الأشياء، لأن الحياة محيط نحن أسماكه الحية، ندخل في الأعماق ولا نطفو، لا نقيم إلا في لب الحياة، وفي صلبها ومناطقها المزدهرة بالأحلام. فهذه هي المرأة في زمانها ومكانها، هذه المرأة في صحرائها ورملها، كانت غزالة الغابة المعشوشبة بالانتماء، كانت فراشة الحقل المزدهر بالحب، كانت الزعنفة التي تزيح عن سطح المحيط، قشات النهار، لتضيء الطريق أمام الآتين ليلاً.. هذه المرأة الإماراتية والسدو خُصلتها وخِصلتها، وسجية أيامها، فهي النبع الذي منه ارتوت شفاه المدنفين، بحب الحياة وهي الغيمة التي هطلت من علو لتمنح الأرض الريعان، والغصن الريان، هذه هي الإماراتية سليلة الماء والرمل، جزيلة العطاء، فكان لا بد أن تقف هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، لتضيء القماشة التي نسجتها المرأة الإماراتية، لتعطي درساً وافياً للجيل الجديد، وتمنح الحضور لعطائها ليكون بيناً في البيان والبنان، ولأجل أن تكون الحكاية، رواية زمن، ما انقضى إلا ليبدأ في مسيرة جديدة، تضيف إلى رصيد إنجازاته إنجازاً جديداً. وهكذا فمن يقرأ هذا الكتيب الذي أنجزته الهيئة، يجد أن الأحلام تبدأ بغمضة، ثم لمضة ثم ومضة ومنها تذهب سفينة الواقع إلى مذاهب الذين رصعوا الحياة بذهب المواقف النبيلة، وزينوا الحياة بكحل الفرح.. لم تكن الصحراء إلا كتاباً مفتوحاً من صفحاته استلهمت المرأة في بلادنا قوة الصبر، وسعة الأفق، ونقاء السريرة، وصفاء القلب، والوفاء للوطن لأنه الوعاء الذي يحوي كل حبات الخرز اللؤلؤية عند نحر امرأة، عشقت الحياة، وانتمت إلى الوطن.