كتاب «قلعة الجاهلي»، هو دليلك إلى القلعة التاريخية المذهلة في أثرها ومآثرها. وهي القلعة التي تعتبر من أكبر القلاع التاريخية في مدينة العين، والتي بُنيت في عهد الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان «زايد الأول» في العام 1898م وكانت مقراً لسلطة الشيخ زايد الأول الذي حكم إمارة أبوظبي على مدى أربعة وخمسين عاماً (1855 - 1909م). في هذا الكتاب، أسئلة معلوماتية ثقافية، موجهة إلى الطالب، والهدف منها أن يعيش الطالب المكان الذي يود التعرف على تفاصيله، ليس تلقيناً أو تحفيظاً، وإنما بإدخاله في صلب المنظومة التعليمية، فهو جزء منها وليس خارجاً عنها، الأمر الذي يجعل من هذا الكتاب الذي أعدته هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة بعناية تامة، وفهم للعملية التثقيفية، مصباحاً منيراً، يتحسس من خلاله طريقه إلى معرفة تراثه، وثقافة بلده، ومعالمها المهمة، تاريخها الطويل، وعندما ندخل في التفاصيل نجد الكتاب يعرض لنا قلعة الجاهلي بصورة حية وحيوية، وبجمل وافية مستوفية حقها في وضع المعلومة أمام القارئ. تقرأ في هذا الكتاب، عن قلعة مثل جناح النسر، تشمخ على ربوع مدينة العين، وتحدق في المكان بفراسة النجباء، وإطلالة الأوفياء، وتحدق أنت في البناء الراسخ، وترسخ في ذهنك أنك أمام هالة تاريخية كان من بناها يعرف جيداً أهمية أن تكون للتاريخ أضلع وأشرعة، كي يسافر في الذاكرة مثل زورقٍ مجاديفه أحلام الأصفياء، وبوصلته عيون النوارس المطلة عبر غيمة الفضيلة. في هذا الكتاب نقرأ عن قلعة الجاهلي، فنقف عند جملة مفيدة، وذات مغزى، والتي مفادها أنه قبل 100 عام تقريباً كانت القلعة مزدحمة بالزوار الذين يفدون على الشيخ زايد الأول، وكانوا غالباً يأتون بشكل أفراد أو مجموعات على ظهور الجمال لتبادل الأخبار أو مناقشة بعض القضايا. هنا نتوقف عند القيم العالية التي تحتفظ بها هذه القلعة، والعلاقة مع الآخر، تحت سقف الأحلام الواحدة، التي كان يكنّها أبناء هذه الأرض، لم تكن هذه القلعة لصد العدوان من الكارهين فحسب، بل كانت أيضاً مكاناً للحميمية والشفافية، وصناعة الحب الإنساني للوجود، وهذا ما يجعل لهذه القلعة وغيرها من القلاع الكثيرة في بلادنا دور في بناء التاريخ، وكتابة صفحاته بحروف من نور، وصياغة عباراته بريشة فنان إنساني أخلاقي، مشت أقدامه على هذه الأرض فنحتت صورة مثلى للإنسان الذي يستشف من الصحراء نقاءها، ويأخذ من الفضاء الوسيع رحابته، ومن النخلة صبرها وجَلَدها، ومن عاداته وتقاليده خلوده ومجده ووجده.. في هذا الكتاب ندرس كيف نعلِّم الأبناء ما يفيدهم من قِيَم بلادهم، من دون عناء البحث في المجلدات والكتب الضخمة، إنها وريقات ملونة بالحب والمعاني، والخطط الثقافية المتمكنة والقابضة على فلذة الكلمة، وكبد المعنى.. في هذا الكتاب الصغير، تبدو المعاني قلاعاً، ترفعك لكي ترى عالمك، بعين مجردة ومن دون عدسات لاصقة، أو مكبرات صوت. في هذا الكتاب ندرس قلاعنا الثقافية من دون أنفاس لاهثة منقطعة، لأنه الكتاب الذي ينتمي إليك لأنه منك وإليك.