ونحن نودع آخر أسبوع من عام 2016 ، لا يمكننا إلا أن ندقق النظر في أشهر وأسابيع وأيام هذا العام الذي يطوي آخر صفحاته الصعبة والمؤلمة على العالم، وإذا أمعنا النظر فسنكتشف كم كان عاماً مليئاً بالإرهاب وبالجرائم الإرهابية بكل أنواعها، عام كانت فيه للإرهاب كلمته وأفعاله الشريرة، وفِي المقابل كان للعالم كلمته أيضاً من خلال تحالف دولي وجه ضد داعش فقط وأتى ببعض النتائج الإيجابية إلا أن الإرهاب ما زال مستمراً. أعتقد أن من المهم قبل أن ينتهي هذا العام ويبدأ عام جديد يبدو أنه سيكون وريثاً شرعياً وربما وفِياً لعام 2016، أن نفكر بشكل عملي وصادق أكثر في كيفية مواجهة الإرهاب بكل أشكاله، بالطبع دون أن نغرق من جديد في تفاصيل البحث في تعريف الإرهاب أو التنظير في فكر الإرهابيين ودوافعهم وغيره من الكلام الذي أشبع طرحاً خلال السنوات الماضية، وما نحن بحاجة إليه كعالم يسعى إلى السلام والتعايش السلمي مع بعضنا البعض، وكأشخاص نسعى إلى تحجيم الإرهابيين أياً كان أصلهم أو دينهم أو مذهبهم، هو السعي لوضع قوانين واضحة لتجريم الإرهاب الإلكتروني، ونتكلم عن هذا النوع من الإرهاب بالتحديد لأنه أصبح أساس الإرهاب كما أنه الوسيلة المثلى لتجنيد الإرهابيين ولتوصيل الرسائل إلى أتباعهم في كل مكان، ويكفي أن نتذكر العمليات الإرهابية الإجرامية وعددها في كل من مصر وتركيا والسعودية والأردن والعراق وسوريا واليمن ودول أوروبا خلال هذا العام لندرك حجم الخطر ومدى تأخرنا في مواجهته. الحديث عن الإرهاب الإلكتروني ليس بالجديد، فقبل عشرين عاماً قام الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون باتخاذ إجراءات عديدة لحماية المؤسسات الأميركية من الإرهاب الإلكتروني الذي كان وقتها يتركز في القرصنة على المؤسسات وسرقة المعلومات، ونشرها أو استخدامها للابتزاز، أما اليوم فقد أصبح الإرهاب الإلكتروني مخضباً بالدماء فلم يعد إرهاباً رقمياً فقط، وإنما تحول إلى جرائم ضد البشرية والإنسانية والأبرياء والأطفال، لذا أصبح تجريم الإرهاب الإلكتروني ضرورة ملحة في عالمنا ولا بد من جهد دولي لإيجاد مفهوم مُوحَّد للإرهاب بصفةٍ عامة، والإرهابِ الإلكتروني بصفةٍ خاصة، فحتى هذا اليوم ليست هناك جهود جادة لوضع تشريعات داخلية صارمة لِمُكَافحة الجرائم التي تتعلَّق بالإرهاب الإلكتروني. من الواضح أن «الإرهاب الإلكتروني» جريمة منسية رغم خطورتها، ورغم أنه أصبح يُمثل تهديداً مباشراً لأرواح البشر ومستقبل البشرية وفِي نفس الوقت للأمن القومي للدول، حيثُ تدار البنية التحتية لأغلب المُجتمعات الحديثة بوساطة أجهزة الحاسب الآلي والإنترنت، ما يُعرّضها لهجمات مُتعددة من «الهاكرز» بشكل عام، ومن الإرهابيين بشكل خاص، إلا أن هذا الإرهاب لم يجرم بالشكل المطلوب، والحقيقة المؤسفة والأمر الأخطر في الإرهاب الإلكتروني أنه أصبح يجد من يحتضنه ويرعاه ويدعمه من بعض الدول والحكومات بشكل مباشر أو غير مباشر، الأمر الذي يجعلنا نؤكد أن وجود قانون وتشريع واضح سيضع حداً لجزء كبير من مشكلة الإرهاب وسيردع الدول الحاضنة والداعمة له بكل أشكاله.