في هذا الكتاب الذي أصدرته هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة نقرأ عن متحف قصر العين، هذا المكان الذي نزل فيه صاحب المقام والقوام، والقيمة والشيمة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ونرى في هذا المتحف الذي يعود تاريخ بنائه إلى العام 1937م لمحة عامة عن حياة الأسرة الحاكمة وثقافة المجتمع المحلي قبل التحول الذي شهدته البلاد في مرحلة ما بعد اكتشاف النفط. في هذا الكتاب جهد يرقى إلى الحرفية والمهنية في تقديم المعلومة، عن أثر ومآثر سكنت القلوب كما نقشت في الأذهان، ملاحم تاريخية مجيدة، ومشاهد زمنية عتيدة، وصور إنسانية تليدة، في هذا الكتاب نقف على معلم من معالم العطاء الإنساني الذي قدمه الإنسان الذي عاش على هذه الأرض، وعبق ترابها بعطر العرق النبيل. نحن أمام شذرات تضيء لنا رؤيتنا وآراءنا، وتنير دروبنا، وتجعلنا نفخر بمن يعطون بصدق، ويجتهدون بثقة، ويمارسون الحياة بوفاء للأرض، وانتماء لمن أحبوا هذه الأرض.. في هذا الكتاب، ندخل أعيننا في معطفه فنجد الدفء ونلمس الحنان في التعاطي مع الإنتاج الثقافي. في هذا الكتاب، بساطة المعطى، وشفافية العلاقة مع المكان وأي مكان، إنه المكان الذي عاش فيه أنبل الناس، وأعظمهم مكانة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يقدم هذا الكتاب بالكلمة المرسومة والرسم المكتوب، نقشاً أنيقاً، كنقش الحناء على كف حسناء، ما يجعله باقة من الكلمات، ترفل بعطر الحرف، وعبير المعنى.. يستطيع الطالب أن يتعلم أصول العلاقة مع النفس والآخر، كما أنه يتعلم فصول الحياة. ومن ضمن ما يتم شرحه عن المتحف هنا فقرات تثقيفية مفيدة، تثري القارئ وتضيف إلى معلوماته، ما يجعله حاضراً في الحياة، فمثلاً نجد في هذا الكتاب، رسماً أنيقاً عن شجرة العائلة، تساعد الطالب على قراءة التسلسل العائلي، عبر شجرة العائلة المرسومة بعناية فائقة، فهي إلى جانب مسعاها الثقافي تقدم للطالب مساحة من الوعي، بأهمية الاندماج مع القلم، فيقوم ويكتب أسماء العائلة، بصورة ميسرة ومسلية أيضاً. مثل هذه الكتب، قيمتها الفعلية أنها لا تدعوك إلى الحفظ بقدر ما تحثك على الاشتراك في إكمال صفحات الكتاب المقدم لك، من قبل المؤلف أو جهة الإصدار. في كتاب قصر الحصن، سنجد حزمة من المقتنيات التراثية التي لم تكن جزءاً من الحياة، بل كل الحياة، كالسيف والخنجر، والفنار، وغيرها من أدوات الحياة. وكم هو جليل وجميل أن تصير الثقافة مثل جريان النهر، لا تستطيع أن تفرق بين قطرات مياهه، كما أنك لا تستطيع أن تفصل ما بين ثلاث: الزمن الماضي، والحاضر، والمستقبل. حقيقة نحن أمام سلسلة من الكتب تقدمها لنا هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، بصورة حية وواعية، نابعة من وعي الذين يلونون حياتنا بالمعلومة الرزينة، والمعرفة الرصينة، والجهود الأمينة، مثل هذه العطاءات تكون في الوعي مثل الأقمار، تغزل خيوطها على الجفون، لتصبح منارة علم ومعرفة، ونصبح نحن الصفحات المضاءة.