رحم الله الباني المؤسس وطيب ذكره وثراه، لقد أسكن الطمأنينة في قلوبنا، وجعل لنا وطناً لا نسترخص الروح من أجله، فكلما نظرنا من حولنا عدنا إليه وقد تجذرت عروقه ومحبته في أعماق قلوبنا، لذا أكرر دوماً أن الدم في عروقي ليس ملكاً لي ولكنه جزء من تراب دولة الإمارات العربية المتحدة. لقد أصلَّ الشيخ زايد-عليه رحمة الله- والقيادة الحكيمة من بعده، ثوابت لا تحيد عن القيم الإنسانية المثلى المتجسدة في دماثة الخلق واحترام الجوار والسعي لحل الأمور بما توسط منها وما ابتعد عن الدماء والفرقة. وكما هو الحال في النظرة السياسية بعيدة المدى، نرى قيادتنا في خطاها المتواصلة ترسخ هوية المودة والتسامح والتجانس والسعادة لتكون الحياة على أرض الإمارات تجربة فريدة من نوعها. في إحدى محاضراتي لنخبة من دبلوماسيّ المستقبل قلت لهم:« أنتم نصف الحاضر وكل المستقبل ونحن ننتمي لوطنٍ لا يستهان بتاريخه، وجليلٌ ما قدمه الآباء المؤسسون لبنائه ولم شمله في منظومة حققت سعادة شعبه وتلاحمهم ووحدتهم. لذا عليكم بالحيطة والحذر، فحتى في حديثكم مع أنفسكم أو مع العالم الخارجي يجب أن تعطوا وطننا ثقله الحقيقي، فتقولون وتكتبون وتفكرون في «دولة الإمارات العربية المتحدة»، فنحن لسنا «دولة» أو «إمارات» فحسب، ولكنا شعب ينتمي إلى أمة عربية الأصل متحدة العناصر تسمى «دولة الإمارات العربية المتحدة»، فلا يكتب أحدكم رسالة نصية لصديق يقول له فيها «أنا خارج الدولة» أو «أنا لست في الإمارات»! بل يقول «أنا مسافر وأعود إلى دولة الإمارات العربية المتحدة قريباً» هذا هو مسمى بلادنا وهذا التحديد واضح وصريح، فالطامعون والحاقدون و«الخبايل» يحاولون زعزعة هويتنا بمنهجية خفية تسعى لطمس عراقة عروبتنا وأمجاد اتحادنا». وفي مهرجان زايد التراثي، اجتمعت هذه السنة السياسة مع التراث في منظومة وظاهرة مجتمعية جديرة بالذكر والدراسة. فزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وحضوره احتفالات اليوم الوطني المقامة في المهرجان، دليلٌ قاطع على أن الجزيرة العربية وشعبها أسرة واحدة، إن فرقتها الجغرافيا فقد جمعها التاريخ. وقد تجسد ذلك في الموروث المشترك الذي اطلع عليه العالم، ومسيرات عبرت عن ولاء أبناء القبائل، فرسخت قواعد الاتحاد، وسلطت الضوء على عمق تراث الأجداد عبر مراحل تطور دول مجلس التعاون الخليجي. للعارفين أقول، الإمارات وطن الإنسانية، إرثها الحضاري له جذور وخطط تواكب الحاضر وتستشرف المستقبل. وقد أثبت مهرجان زايد التراثي مقولة الزعيم مهاتما غاندي القائلة:» لا يمكن لحضارة العيش إذا كانت تحاول أن تكون حصرية».