الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«ميدالية أولمبية» = «صفر»

«ميدالية أولمبية» = «صفر»
18 ديسمبر 2016 22:43
أبوظبي (الاتحاد) لسنوات طويلة ونحن نغرس في عقول أجيالنا وشبابنا وأبنائنا قيمة الرياضة وأهميتها في بناء الأجسام والعقول والأمم والشعوب. لسنوات طويلة ونحن نؤكد رسالة الرياضة للصحة والعافية واللياقة والوقاية من أجل حياة أفضل من دون أمراض. لسنوات طويلة ونحن ندفع أبناءنا وبناتنا من أمام أجهزة «الإكس بوكس» و«البلاي استيشن» و«الهواتف النقالة»، لممارسة الرياضة ولو لبضع دقائق يومياً. لسنوات طويلة ونحن نحلم أن يخرج من بين أجيالنا العربية موهبة بحجم ليونيل ميسي أو أسطورة بقامة مايكل فيليبس أو طلقة بسرعة يوسين بولت. لسنوات طويلة ونحن نكتب عن القيم الأولمبية وشرف المشاركة في أهم حدث رياضي يقام كل أربع سنوات. لسنوات طويلة ونحن في حوار دائم مع كل الحكومات العربية لتوفير ملاعب مفتوحة، وساحات لممارسة الرياضة، وميزانيات لصناعة الأبطال. لسنوات طويلة ونحن نطالب وزارت التربية والتعليم بإعادة «حصة الألعاب» ومنح الطالب مساحة ووقتاً أكبر لممارسة الرياضة. لسنوات طويلة ونحن نكتب عن الأبطال الأولمبيين في أميركا والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ونروي تجاربهم ونحكي عن بطولاتهم للتعلم من قصص نجاحهم. لسنوات طويلة، والدرس الأول، بل والحلم الكبير، الذي نعلِّمه لكل الأجيال التي تمارس الرياضة أنه لا يوجد أروع ولا أجمل من أن يُعزف السلام الوطني ويرتفع عَلم الدولة في الألعاب الأولمبية، أهم وأكبر وأعظم حدث رياضي فوق كوكب الأرض. عفواً يجب أن نعترف أننا أهدرنا الوقت والمساحات كل هذه السنوات. لأن الرياضة في النهاية لا تساوي سوى «صفر كبير». والميدالية الأولمبية بكل ما تحمله من فخر للدول ومجد للشعوب ليست لها قيمة ولا وزن في قانون «وزارة التربية والتعليم». سارة... هذا هو اسمها.. فتاة مصرية متوسطة الحال، في المرحلة الثانوية، طموحاتها أكبر من واقعها. صدَّقت ما يُكتب عن الرياضة وأهميتها، ورغم ضعف الإمكانيات وقسوة الظروف لم تتنازل عن ممارسة الرياضة، ولا عن حلمها الأولمبي. وبعد سنوات وسنوات من التعب والعرق والجهد والتدريب والتضحية والمواءمة بين الدراسة ورفع الأثقال، حققت حلمها وعانقت المجد الأولمبي ونالت الميدالية البرونزية، إلا أنها لم تتمكن من حضور امتحانات الثانوية العامة بسبب تزامن موعدها مع منافسات دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو، وبدلاً من أن تجد مَن يقف بجوارها ويساندها لأنها تمثل مصر، أو على الأقل تعاد لها امتحانات الثانوية العامة في لجنة استثنائية تقديراً لإنجازها بدلاً من إهدار عام من عمرها، تسلمت في النهاية شهادة رسوبها بأصفار كبيرة في كل المواد! وزارة التربية والتعليم الإدارة العامة للامتحانات لجنة النظام والمراقبة لامتحانات الثانوية العامة قطاع الإسماعيلية 2016 - المنصورة (ج) إخطار طالب لامتحان شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة الدور الأول 2016 النظام الحديث رقم الجلوس: 655504 إدارة التل الكبير اسم الطالب: سارة سمير السيد محمد الدرجات: اللغة العربية: غ اللغة الأجنبية الأولى: غ اللغة الأجنبية الثانية: غ التاريخ: غ الجغرافيا: غ الفلسفة والمنطق: غ علم النفس والاجتماع: غ الأحياء: - الجيولوجيا: - الكيمياء: - الفيزياء: - الرياضيات البحتة: - الرياضيات التطبيقية: - المجموع الكلي: صفر المجموع الكلي بالحروف: صفر نتيجة الطالب: راسب عفواً إنها ليست «أصفار» في شهادة بطلة أولمبية، ولكنها أصفار فوق صدر الرياضة العربية، لأن سارة سمير ليست وحدها التي تعاني وتدفع ثمن ممارسة الرياضة، فهناك الآلاف من الأبطال على امتداد الوطن العربي يعامَلون نفس المعاملة، ولا يجدون الاهتمام ولا الرعاية ولا الدعم، وفي النهاية عليهم إما التضحية بالدراسة وإما الرياضة، وأمام ضغط الأسر والآباء والأمهات يلقون بالرياضة وراء ظهورهم من أجل شهادة وفرصة عمل ومستقبل مضمون، وهكذا تموت المواهب واقفة في عالمنا العربي، ونعود لنتحدث عن صناعة البطل والحلم الأولمبي واكتشاف المواهب وممارسة الرياضة. أي صناعة، وأي مواهب، وأي حلم، وأبسط قواعد التقدير والاحترام والإنسانية غائبة في التعامل مع أصحاب المواهب وصناع الإنجازات في الكثير من الدول العربية. سارة سمير منذ أغسطس الماضي وحتى الآن طرقت كل الأبواب، وزارت كل المكاتب، والتقت كل المسؤولين، وفي النهاية لم تجد من يحل مشكلتها أو يتعاطف مع حالتها ويقدر إنجازها وضاعت الثانوية العامة وعام من عمرها بسبب الميدالية الأولمبية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©