في وجوه أهل الخيل ترى النصف الجميل لرياضتنا، وفي طلة أهل الفروسية، ترى إشراقة بهية للحراك الشبابي في مجتمعنا، وفي حضور أحداث وفعاليات سباقات القدرة، يبهرك حجم الحب من كبار قادتنا لهذه الرياضة. قد لا أفهم قواعد هذه اللعبة كثيراً، ولا حتى أدرك جميع أسرارها أو قوانينها، ولكن أجواء التحدي فيها تولد بداخلك طاقة غير عادية!. ألم تتساءلوا عن سر كل هذا الحب لهذه الرياضة، ألم تضعوا في رؤوسكم أكثر من علامة استفهام حول ما يحدث في ميادينها، كي تصبح في كل موسم وفي كل بطولة إلى مهرجان شعبي ووطني وسط حضور رفيع وعالي المقام؟. الإجابة لم اكتشفها كلها، ولكن الخيل هي أصل كل رياضات البشر، وبداية كل فتوحات الدول وأمجاد الأمم، ومعها كل ذكريات التاريخ، وأساطير الأزمان السحيقة، فهي لعبة يحبها النبلاء، ويعشقها أهل الهمّة والقوة، ويتحدى في ميادينها الرياضيون الحقيقيون من أصحاب اللياقة العالية والقوة البدنية والعقول الفطنة التي لا تقارن مع ألعاب ورياضات كثيرة!. من يظن أن الخيل عبارة عن فارس يمتطي صهوة جواد.. يشد لجامه ويتحكم في سرعته أو قوة دفعه فهو مخطئ، ومن يظن أن الخيل مثلها مثل أي «بهيمة» تروضها وتدربها وبعدها تقدم لك ما تريد فأنت أيضا مخطئ!!.. أكاد أجزم أنها الرياضة الوحيدة التي يجب أن تتجانس فيها روحياً مع «الفرس».. فكم من الفرسان الذين توقفوا عن التحدي خوفاً على خيولهم، وكم من الدموع التي ذرفت من عيون الفرسان بسبب مرض أو نفوق «حصانه».. هي لعبة الإحساس، فلقب الفراسة التي ُتطلق على الرجل أصحاب الإدراك العالي جاءت أصلاً من كلمة «فارس».. والذي يتصف بمَلَكة عالية وفطنة غير عادية ومبادئ أخلاقية لا تُهتز، فهي مهارات وخصال لا يمكن أن تعلمك إياها أكبر الجامعات والمدارس، ولهذا جاءت الإجابة وافية على سؤال: لماذا تهتم قيادتنا لهذا الرياضة بشكل غير عادي، حضورا وممارسة ودعماً ومنافسة ورغبةً في تحقيق الانتصارات وتكريس مبادئ الشرف فيها!. هي الرياضة الأقرب لقلوب «شيوخنا» رسخوها في أبنائهم وشجعوا العائلات والأجيال لممارستها والنهل من قيمها وثوابتها، فهي مدرسة عريقة تؤهلك فارسا لاقتحام تحديات معترك الحياة. ظهور فارس مخضرم مثل سعيد بن منانة في سباق الظفرة أسعد الكثير من أهل اللعبة فهو شخصية محبوبة مجتمعياً عرفه الناس فارساً محنكاً في كل الميادين.. كم أسعدتني كثيراً رؤيته مجدداً. كلمة أخيرة هي ليست رياضة للنخبة، بل تحدٍ لصناعة الرجال وصقل النبلاء!