دخول مرسوم تعديل بعض أحكام القانون الاتحادي بشأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية حيز التنفيذ مؤخراً يمثل انعطافة نوعية في جهود الدولة لمكافحة هذه الآفات المدمرة، ويعبر عن روح القانون الذي يولي الإنسان أهمية خاصة ورعاية كبيرة، ويجسد الحرص على استعادته من براثن الضياع الذي يسقط في أوحاله المدمن، وهو في مسيس الحاجة للعلاج من إدمان المخدرات بأنواعها والمؤثرات العقلية إجمالاً. عبرت التعديلات الجديدة عن تلك الروح السامية للقانون وأهدافه التشريعية بالتحول من«المفاهيم العقابية إلى العلاجية» ليساهم في تلافي بعض الآثار السلبية والاجتماعية التي كانت تصيب عائلة ومكانة المتعاطين لأول مرة. وقد أتاحت التعديلات الجديدة للنائب العام إحالة المتهمين في جرائم تعاطي المخدرات إلى جهة علاجية من دون حبس أو إقامة دعوى جزائية في حقه. وبموجب هذه التعديلات سيتم دراسة جميع الأحكام الصادرة في قضايا التعاطي قبل هذه التعديلات لإعادة النظر فيها وفق التعديلات الجديدة لأنها الأصلح للمحكوم عليه بعد أن أصبحت هذه الجرائم جنحاً وليس جنايات. وتحية لأكاديمية أبوظبي القضائية التي نظمت ورشة خاصة للتعريف بالتعديلات وغاياتها السامية، وأكد خلالها المتحدثون أن القانون يتميز بالمرونة وتقديم مصلحة الفرد والمجتمع على أي اعتبارات، إذ سيسهم في تلافي بعض الآثار السلبية والاجتماعية التي تصيب عائلة ومكانة المتعاطين لأول مرة، والتي يتمثل أدناها في عزله من وظيفته وتوقف إعالته لأسرته التي ليس لها ذنب فيما اقترفه. وشددوا على ما يتضمنه من عقوبات بحق كل شخص يتورط في تعاطي المؤثرات العقلية والمواد المخدرة، غير أنه في الوقت ذاته منح المتعاطي الحق في العلاج وتشجيعه عليه عبر إعفائه من المسؤولية القانونية. وهنا يتعاظم الدور الكبير الذي يقوم به المركز الوطني للتأهيل في المساعدة على استعادة من سقطوا في برك الإدمان وإعادة تأهيلهم بكل مهنية وسرية، ليعودوا إلى المجتمع وجادة الصواب أشخاصا منتجين يخدمون أسرهم ووطنهم، بعيدا عن متاهات التيه والضياع التي وجدوا أنفسهم فيها خلال لحظات طيش واستهتار وعدم تقدير للعواقب. ونحن نرحب بهذه التعديلات وروحها ومنطلقاتها السامية نحيي بكل تقدير جهود وزارة الداخلية وأجهزتها المعنية لتمضي بكل قوة وعزم في ملاحقة«تجار السموم» والضرب بحزم على أيدي من يحاولون تقويض استقرار المجتمع ويستهدفون شبابه بسمومهم.