في أحد لقاءاته مع أبنائه مجندي الخدمة الوطنية، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ضرورة امتلاك المرء بوصلة توجهه إلى غاياته وأهدافه وتحقيق طموحاته. فالبوصلة ضرورية للجميع، فمن دون امتلاكها تضيع موارد وطاقات وإمكانات ليس للأفراد أو الأسر والمجتمعات بل للأوطان بأكملها. في ذلك اللقاء، استذكرنا مع سموه أكبر نعمة حباها الله هذا الوطن الغالي، بأن جاد عليه بقائد من طراز فريد امتلك رؤية واضحة وقدرة استثنائية على استشراف المستقبل. لقد كان القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من طراز نادر من القادة التاريخيين في العصر الحديث، ممن امتلكوا بوصلة من الحكمة والرؤية، عبروا بها نحو المستقبل الزاهر لشعوبهم، ووضعوا نهجاً راسخاً ومتيناً للمضي على النهج ذاته لصنع الغد الأفضل. تلك حقيقة نضعها دوماً نصب الأعين، والفخر والاعتزاز يغمر الجميع بما تحقق على أرض الإمارات من منجزات ومكتسبات لصالح الإنسان أولاً وأخيراً. نستعيد هذه الحقيقة الناصعة، ونحن نتابع خلال الأيام القليلة الماضية التقارير السنوية للمنتدى الاستراتيجي العربي الذي عقد مؤخراً في دبي، والذي أكد معه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى تبني منظور استباقي للتغلب على التحديات، داعياً الحكومات في المنطقة العربية إلى «اعتماد مقاربة تقوم على تطوير حلول شاملة للارتقاء بواقع شعوبها». وقبل تقرير المنتدى الاستراتيجي العربي، كان هناك مؤتمر مؤسسة الفكر العربي السنويّ «فكر15» وتقريرها، وقد رسما صوراً قاتمة عن حال هذه الأمة. وقد جاء انعقاد «فكر15» بعنوان: «التكامل العربي: مجلس التعاون ودولة الإمارات العربية المتحدة»، ليسلط الضوء على بقعة النور التي تمثلها منطقتنا الخليجية مع مرور 35 عاماً على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذكرى الـ45 لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وتجربتها التي تمثل نموذجاً ملهماً في بناء الأوطان. وفي كلتا التجربتين كانت البوصلة واضحة ومحددة، الانشغال بالتنمية وبناء الإنسان ورفاهيته ورخائه وسعادته بعيداً عن الشعارات الجوفاء والمغامرات الفاشلة، على الرغم من العواصف العاتية التي ضربت وتضرب المنطقة، ليتحقق برشد «البوصلة» الاستقرار والأمن والأمان، وتنمية مستدامة لصالح الأجيال.