في القمة الخليجية ستة كواكب أضاءت سماء الخليج العربي، بدفء اللقاء وحسن الإلقاء، حتى كاد القلب أن يسفر عن بوح الطير، ووشوشة الموجة، وحفيف الشجر، لم يكن بوسع الإنسان إلا أن تدمع عيناه فرحاً، بهذا الالتفاف وهذا الاصطفاف، وهذا النث المطري، ونحن على أعتاب فصل الغزارة، في القمة الخليجية كان البيت عامراً بالأحلام، والأقلام تسجل ما ينبته التاريخ الخليجي من أثمار وأزهار، بفضل ذوي الفضيلة، الذين يؤثثون وجداننا بالعزة والكرامة، ونجابة الفعل. في القمة الخليجية بدا الطقس السياسي متوائماً مع معطيات الوضع الراهن، وبدت الكلمات تطل علينا من نافذة ببياض الموجة، وصفاء المهجة، والعالم يتابع هذا الإنتاج الخليجي المثمر، وهذا السرد المعبر عن المصير الواحد والتاريخ الذي لا تنفصم عراه، ولا يحتدم مسعاه، إنه التاريخ الجميل، في عصر أثبت أن القوة للبيت المتوحد، وللسماء الصافية من غير غيوم أو سقوم. وقد أثبت خادم الحرمين الشريفين، سلمان الحزم والعزم، أن المملكة العربية السعودية محور الحدث الإنساني بأسره، وأن هذا البلد قادر على التصدي لمحاولات الزعزعة وجدير بقيادة المنطقة إلى شواطئ لا فيها توتر ولا فيها تعثر، لأن الصدق عنوان الخطوات التي تخطوها المملكة، ولأن الحزم هي الكلمة الفصل في معالجة القضايا الشائكة. في القمة الخليجية شعشع وجه النهار، بفضل خيوط الشمس الذهبية التي لوّنت مشاعر المجتمعين، وبفضل الرجال الذين عاهدوا الله أن يكونوا يداً واحدة، لصد العدوان وكبح الطغيان، والذهاب بالسفينة الخليجية بعيداً عن الأمواج والهياج، والسير قدماً باتجاه تأسيس تكتل خليجي، نخوته إرساء السلام في المنطقة والعالم، وبعث الطمأنينة في قلوب عشاق الاستقرار. في هذه القمة شعرنا أن الأفكار الخليجية، تمضي نحو غايات الحلم الكبير، وهو زراعة أشجار جديدة، تظلل أغصانه كل الخليجيين، ليكون ذلك خطوة نحو تكامل إنساني يشمل بقية الوطن العربي الكبير، وحكمة قائد الحزم أن يكون للعربي كلمة مسموعة، يستمع لها كل من به صمم، وأن لا تهاون مع المغرضين والمتربصين والانتهازيين، والعدوانيين والحاقدين، والكارهين، لن يكون لهؤلاء مكان بيننا، لأننا لا نقبل بتلويث الجمال بسوء المعاني والخصال، لأننا لا نقبل أن يقفز على قضايانا، من لا ناقة له ولا جمل في هذا الأمر، نريد فقط أن نكون نحن، فقط نحن الذين نعالج أمورنا، ونتعامل مع العالم بسواسية وعدالة واحترام، لأننا لسنا طارئين على الحياة، بل نحن الذين نملك التاريخ، ونحن الذين نحتوي أواصره، وخفاياه وحناياه وثناياه وطواياه، لا نريد من يعلمنا، بل نحترم من يحترمنا ونقدره ونِجلُّه، أما المستخفون، فهؤلاء لا مكان لهم في قاموسنا، هؤلاء خارج المعادلة في العلاقات بين الدول.