مساء أمس الأول كنا على موعد مع صورة ناصعة البياض ثرية المعاني والدلالات للوفاء لطائر من أرض شنقيط حط رحاله في أرض الإمارات، ليثري ساحتها الابداعية عطاءً وإبداعاً، ولكن كما هي الأشياء الجميلة والزهور اليانعة، تذبل سريعا فسرعان ما تخطفته يد المنون في ذروة عطائه. كانت لفتة جميلة لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات بإقامة أمسية تأبينية للشاعر والناقد الموريتاني الراحل الدكتور محمد ولد عبدي، في مقر الاتحاد بأبوظبي، سفير الثقافة الموريتانية الذي ضمه ثرى الإمارات أواخر الشهر الفائت. كانت لفتة وفاء من إمارات الوفاء التي اتخذها الفقيد وطنا ثانياً، وأحبها فأحبته، وقدم فيها مساهمات قيمة تثري الساحة الأدبية الإماراتية، وتظهر واضحة جلية في العديد من المجالات الثقافية والفنية التي انطلقت من أبوظبي، وهي تقود لواء الثقافة والمعرفة الإنسانية في المنطقة من خلال مشاريع ومبادرات عملاقة تنهض بها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة. فقد عمل الفقيد محاضرا في أكاديمية الشعر بأبوظبي، وعضوا في اللجنة العليا المشرفة على برنامج أمير الشعراء، وشارك في الإشراف على الكثير من الأنشطة المصاحبة لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، إلى جانب عضويته في لجنة الفرز بجائزة الشيخ زايد للكتاب. كان ولد عبدي امتداداً نوعياً وإضافة لإسهامات العديد من أبناء شنقيط الذين شاركوا مبكرا في مسيرة البناء في مواقع عدة وبالذات من خلال لجنة التراث والتاريخ في أبوظبي والقضاء و”الشؤون الإسلامية” والشرطة وغيرها من الميادين والمجالات، فكانوا نعم الأخوة الذين حلوا بين إخوانهم وبني أرومتهم. عرفت الفقيد قبل أكثر من عقدين في أمسية احتفالية عندما طلب الكلمة ليرتجل قصيدة أبهرت الحضور بصدق معانيها وجزالة قوافيها. لقد كان الحضور الحاشد للأمسية التأبينية يعبر عن مكانة نسجها الدكتور ولد عبدي وتربع بها قلوب محبيه وأصدقائه وكل من عرفه بدماثة خلقه وتواضعه وعلمه الغزير وموهبته الشعرية العالية، رحم الله محمد ولد عبدي وأسكنه فسيح جناته، وصادق عزائنا للجميع. إضاءة للشاعر سالم بوجمهور: يا راحلَ اليومِ أبقيتَ الحروفَ لنا // رَبّاتِ خَلْقٍ مِنَ الإبداعِ والعِبَرِ إن كُنتَ في أرضِنا أو كُنتَ في زُحلٍ // لا يُؤمنُ الحرفُ بالأبعادِ يا قَمَري