من أروع الصور التي نشرت لقصر الحصن، تلك الصورة التي قدمتها جريدة «الاتحاد» على اتساع صفحتين وظهر فيها الحصن جميلاً ورائعاً ويكاد التاريخ يتحدث بعزة وشموخ وكذلك المساحة الرملية التي تحيط به والنخيلات المتناثرات على اتساع المساحة وكأنها كويكبات زاهيات بالشموخ. القليل من الناس الآن يعرف الحياة في أبوظبي القديمة، والقليل الذي شاهد تلك النخلات بأم عينه، سوف يستدعي الذاكرة ليتعرف علو (عوانة) تقف حارسة للقصر المنيف تماماً كما وقف حراسه بعزة وشموخ. أتذكر مثل الحلم زيارة قديمة لأبوظبي، شاهدت بعض ما تبقى من تلك النخيل، وشاهدت الرمل الأبيض الذي يمتد إلى منطقة البطين، وأيضاً أتذكر ساحل أبوظبي البحري وهو ينام على السيف بعض ما تبقى من السفن القديمة بين (هوري) و(شاحوف) وسفينة خشبية هرمت فنامت على الساحل الرملي بأمان. ثم بعد أعوام طويلة وفي زيارة لبعض المعارف في منطقة المحاربة القديمة غرب الحصن، كانت الحياة قد تغيرت كثيراً وزرعت بعض الشوارع وعبدت، ثم نبتت بعض المباني الكبيرة، وظهر قصر الحصن شامخاً.. وقتها اشتعلت أبوظبي بالنمو والعمران السريع على يد معمر أبوظبي الحديثة ومؤسس اتحاد الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه. رحل الرمل إلى البناء والتعمير وازدادت غابات النخيل وزينت الشوارع بالزراعة والحدائق وأصبح السير في أبوظبي وكأنك تعبر حديقة هائلة الاتساع، وبعد أن رممت أجزاء من الحصن وأضيف إليه مساحات مزروعة بأنواع الأشجار والزهور ظهر كواحد من أجمل الحصون القديمة، ثم جاء هذا المهرجان التاريخي والتراثي ليعطي الصورة الرائعة لمفهوم الاحتفاليات التراثية المعبرة عن حب هذه الأرض والتاريخ المجيد. إن الحب مزروعاً هنا في هذه الرمال البيضاء كما زرعت تلك النخيل منذ فجر تاريخ أبوظبي والإمارات، عندما تحب الناس وتعينهم على الحياة يحبك الناس من أعماق قلوبهم وهذه هي الحياة في الإمارات قامت على الحب والمودة والوفاء للأرض، وقد أنشد الشاعر المرحوم محمد بن حاضر قصيدة رائعة في هذا المعنى تحت عنوان «نخيلات البطين».