الكثير يتساءل بينه وبين نفسه وبين الناس جميعاً، ما هذا الحزن الكبير وهذا الاهتمام من الناس كافة، صغيرها وكبيرها، ليس في مدينة دبي فحسب، التي فقدت ابنها المخلص البار في عمله، والمثالي في كل أموره، والقائد الأمين الحارس لجمال مدينة دبي وسلامة الناس فيها، وحمايتها من كل مكروه، ذلك الشاب الذي بدأ بعزيمة قوية وإخلاص وتفانٍ قلّ نظيره، وقوة في القيادة، ووضوح في الرؤيا، وإنجازات كبيرة على المستوى الأمني لدبي والإمارات كافة، حاضراً دائماً، واضحاً دائماً، حيث وقف هذا الشاب وتصدى لكل قوى الضغط، وقالها بوضوح: «إنه رجل قانون ومبدأ لا يخضع غير لقائده الأول في دبي»، نال احترام أفراده وساروا على خطاه واضحين صادقين، أمناء على مدينتهم دبي وقوانينها وقوانين دولة الإمارات. كان المرحوم خميس مطر المزينة تلميذاً نجيباً في مدرسة قائده الأول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وقائده العسكري في دبي الفريق ضاحي خلفان تميم، الذي أسس مدرسة الأمن الحديثة لشرطة دبي، والتي أصبحت مثالاً للعسكرية الجديدة، وكيف تدار المدن الحديثة، لا سلطة لذلك الشرطي الذي يحمل كرباجاً وعصا غليظة وقيوداً كثيرة، بل إنه أزال صورة الشرطي القديم في الوطن العربي، وقدم نماذج جديدة واعية، ومحصنة بالعلم والمعرفة والثقافة، وفنون التعامل مع الناس جميعاً، حتى أصبحت الشرطة واحدة من أكبر المشاركين والداعمين الحياة الاجتماعية والثقافية والفنية. المرحوم المزينة جاء للمدينة وقيادة أمنها من مدرسة ثقافية كبيرة، يقودها قائد وشاعر كبير، وإنسان حضاري، عصري الرؤى والرؤية دائماً، ينشد التميز والفوز والنجاح والمراكز الأولى في كل شيء، ولا يقبل غير المتميزين وأصحاب المراكز الأولى، ثم معلم المزينة الفريق ضاحي خلفان تميم، وهو أيضاً شاعر وأديب، أعرفه عن قرب حتى قبل أن يكون قد دخل المجال العسكري بحكم أننا أبناء منطقة واحدة، رجل تربى على يد عائلة فاضلة وسيرة حميدة، خرج هذا المعلم بموروث اجتماعي وحب كبير لبلده، ونقل كل ذلك إلى أفراده في شرطة دبي، وكان المزينة أحد تلاميذه، وعندما وقع عليه أن يخلف معلمه، قدم كل شيء لمدينته، مطبقاً مبدأ «احترم المدينة وقوانينها ونظامها تنل كل ترحيب واحترام، أما إن تجاوزت ذلك فإننا نعلمك كيف تكون حضارياً في مدينة حضارية وراقية». رحيله المبكر كان مفاجأة وخسارة كبيرة، وجاء الناس من كل مكان لتعزية مدينة دبي، وحضر العزاء أيضاً شخصيات كبيرة من الإمارات وخارجها، في حالة نادرة لا تتكرر مع رجل شرطة.