لا ندرك قيمة من كانوا معنا إلا إن غابوا.. قد ننساهم وهم بيننا.. نتجاوزهم دونما توقف.. اعتدنا تلك الابتسامة وهذا الوجه الصبوح دوماً، غير أننا حين نفتقده كثيراً، نسأل: أين هو؟.. يخبروننا أنه مات.. أو يخبروننا أنه الآن بات حياً أكثر. رحم الله الزميل والصديق الرائع حمد الإبراهيم المذيع البشوش والوجه الآسر الذي أطل علينا من أبوظبي الرياضية سنوات عدة، حتى صار فرداً من الأسرة.. نعم هكذا كان حمد.. كان منا ومنك.. كان حميمياً لدرجة مدهشة.. هو على الشاشة أشد قرباً من كثيرين، وفي الطبيعة، كان أبهى وأنقى وأروع. يرحل الطيبون أولاً.. ربما لأن هناك يليق بهم أكثر.. هناك حيث لا صخب ولا ضجيج ولا أحقاد.. هناك حيث الحقيقة الكاملة التي لا لبس فيها ولا مواربة.. هناك حيث يجد الطيبون ما يريحهم من عناء الرحلة القصيرة عمراً، الطويلة عملاً.. هناك حيث مدارات الترقي متاحة وأفق النور أرحب. يعلم الله أنني حزين.. حزين لأنني لم أوف حمد الإبراهيم حقه.. كان أملي أنه سيظل كثيراً وطويلاً وأنني أمتلك رفاهية تأجيل المشاعر وادخار السعادة التي كنت أشعر بها كلما التقيت حمد، وحتى حين مرض واستمر مرضه عاماً كاملاً يصارع فيه الألم بصبر ورضا، لم أتصور أن أفقده.. لم أتخيل أن يختفي وجهه من الصباح والمساء وردهات «أبوظبي للإعلام»، وحين رحل، تيقنت أنه قرار نهائي نستحقه نحن أيضاً، فمثل حمد يستحق أفضل منا. ليس متاحاً أن نعدد إنجازات حمد وإطلالاته على أبوظبي الرياضية، فحين نرحل تبقى أشياء أخرى غير تلك التي ظننا أننا أنجزناها.. حين نرحل لا يبقى مما كتبنا سوى ما بنى، ولا يظل مما قلنا سوى ما عقلنا، وأشهد الله أن حمد كان من الأنقياء المخلصين، وأشهد الله أنني لا أعلم عنه ما يسوء، ولا أعلم أنه أغضب أو آذى أحداً، ولعل كتائب الحزن التي تبكي على صفحات التواصل منذ نبأ رحيل حمد، لأكبر شهادة في حقه أنه كان ممن نحسبهم على خير، ونودعهم « في مقعد صدق عند مليك مقتدر». رحم الله الأخ والصديق حمد الإبراهيم، وأسكنه فسيح جناته، وألهم آله وذويه الصبر والسلوان، وعوضنا عن فقده خيراً. كلمة أخيرة: وبعض الطيبين يظلون بيننا .. ليبقى في الحياة ما يستحق