بمشاركة وحضور قادة العديد من دول العالم، اختتم في عاصمتنا الحبيبة أعمال المؤتمر الدولي للحفاظ على التراث الثقافي المهدد بالخطر، والذي صدر في ختامه «إعلان أبوظبي»، معبراً عن تصدر الإمارات لجهد عالمي للحفاظ على التراث الإنساني، ومؤكداً للعناية البالغة التي توليها لقضايا البشرية، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في كلمته الشاملة بالجلسة الختامية للمؤتمر. ووجه خلالها نداءً للمجتمع الدولي، للتعاون للتصدي لعصابات تهريب الآثار والاتجار بها. كما أكد سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان بمناسبة المؤتمر، بأنه «رسالة عالمية تنطلق من أبوظبي بأن بناء الدول لا يكتمل إلا بحفظ إرث الإنسانية»، وبأن الإمارات «جزء لا يتجزأ من الجهد الإنساني للارتقاء بالإنسانية وحماية إرثها الثقافي، وهذه رسالتنا الحضارية». المؤتمر وما تمخض عنه من مبادرات، في مقدمتها تأسيس الصندوق الدولي لحماية التراث الثقافي المعرض للخطر ورصده 100 مليون درهم لتمويل التدخل العاجل لإنقاذ المعالم الأثرية، يمثل صورة من صور الجهد الاستثنائي والريادي للإمارات، بالتعاون مع الخيرين في هذا العالم لصون الحضارة الإنسانية والإرث الحضاري والمعرفي للبشرية في مواجهة برابرة وخوارج العصر. في مناطق الصراعات يزحف الإرهابيون دائماً باتجاه شواهد الحضارات لتدميرها لأنها تظل شاهدة على إفلاسهم التام معنوياً ومادياً وجهلهم المطبق، لأنهم بكل بساطة لا يقدمون سوى العبث والدمار والفناء. فهذه الشواهد والإرث ليست مجرد آثار فقط وموروث، وإنما «ذاكرة للشعوب»، والقضاء عليها- كما قال صاحب السمو ولي عهد أبوظبي-«سلوك ترفضه الديانات السماوية والأعراف البشرية». شاهدنا كيف امتدت أيادي إرهاب طالبان باتجاه تماثيل باميان، وكيف نشر الدمار والخراب إرهابيو «القاعدة» في «تمبكتو» التاريخية بمالي واليمن، ومؤخراً فلول «الدواعش»، وما أحدثوا من تدمير للآثار التاريخية للحضارات في العراق وسوريا. هكذا هم دوماً لا يجلبون إلا الخراب والدمار والدماء أينما حلوا وتسللوا كالفئران التي تقرض كل بنيان جميل في حياتنا. «إعلان أبوظبي» التاريخي ينبثق من الإمارة ذاتها التي احتفت بصدور القانون الخاص بحماية تراثها الثقافي، وكانت سباقة لتسجيل تراثها المادي والمعنوي ضمن التراث الإنساني إيماناً منها بأن الإبداع الإنساني ملك البشرية قاطبة، ويجب أن يوظف لمصلحة الإنسان أينما كان.