في يوم الشهيد، وقف الإعلام موقفاً محورياً، جوهره الإيمان بأننا جسد واحد وقلب واحد ومبدأ واحد، ولا انحياز إلا لحقيقة أن الوطن وعاء واسع ونحن فيه حبات الخرز التي تكمل بعضها.. في الشهيد وقفنا مع المشهد الحضاري الذي مثله إعلامنا ونحن نتابع ونقرأ ونستقرئ ما بين السطور، كنا في الفكرة والسطور، كنا مع الحلم ومع الخبر والتحليل فيما يخص البواسل الذين سطروا أروع الملاحم ونحتوا في القلوب كلمة الحب كبيرة بحجم الشمس في أحشاء السماء. في يوم الشهيد كان الإعلام شاهداً ومشهوداً، كان رعوداً تصب من مزن القلوب نثات الولاء والوفاء، كان الإعلام الشوق والمشتاق، كان قلادة الأعناق، كان الرموش والأحداث، كان طريقنا إلى حقيقة أن للكلمة وميضها وحضها وفضها وفضتها، كان الإعلام القدرة المتشوقة للبث والحث والنث، كان الفسحة ما بين الحاجب والحاجب، كان معنا وبيننا ومننا وإلينا وفينا، يلون أحلامنا بضوء النجوم ويشكل آمالنا من نسغ الغيوم ويمضي بنا إلى حيث تستقر الكلمة، في موضع الحقيقة.. كان إعلامنا، أعلامنا التي رفرفت في فضاء أرواحنا، والساريات التي طالعت السماء بهامات وقامات، أشفى من أشعة الشمس وأخفى من نسايم المساء.. في يوم الشهيد، كل الوسائل الإعلامية شمرت عن أقلام وأحلام وأعطت مزاجاً وحدوياً مضرب الأمثال. في يوم الشهيد، شقشق فجر الإعلام عن مناخ أوضح من شروق الشمس وأفصح من كلام الحصفاء، كان وهجاً من مهج الذين عشقوا الوطن فأوردوه مورد الأنهار الصافية وأفردوا له مساحات مزروعة بأعشاب الحب لأن الذين كانوا مصدر الحدث هم الفلذات التي ضحت من أجل المكرمات، ولأن الذين تصدروا المشهد كانوا هم تلك الوجوه التي تلقت الشهادة بقلوب مطمئنة راسخة ثابتة واثقة، لأن موعد الشهيد الجنة، ومثواه الخلود.. يوم الشهيد يوم الإعلام الذي لم يبرق الاندماج في المشهد كأنه القطرة في المحيط، كأنه الوزن في البحر الوسيط، كأنه تغريدة على لسان الغير، كأنه البياض في وجه الموجة، كأنه البلل على شفاه الغيمة، كأنه الابتسامة على وجنات العفوية، كأنه الهديل على أغصان الشجر. يوم الإعلام يوم مدملج، محدج، مدوج، مسرج بثقافة التضحية والفداء والإيثار والتفاني من أجل القضايا الكبرى، من أجل الأفكار العظيمة، من أجل الأحلام الوسيعة، من أجل الأمنيات المستديمة، من أجل الناس جميعاً، ومن أجل حرية البشرية وشهامتها وكرامتها وابتسامتها. يوم الإعلام كان يوم قال فيه الشهيد لن تذهب روحي سدى مادام في القلوب دفقات تطهر الكون من الحزن والغبن والضغينة.