ما أفرزته القمة الحكومية التي أنهت أعمالها يوم أمس في دبي، أنها سلطت الضوء بشكل مباشر على ما يعرف عالمياً بالمدن الذكية المتأسسة على قاعدة صلبة من حزمة بناءات، اقتصادية، ثقافية، واجتماعية، تهدف في النهاية إلى تيسير حياة الناس بشكل غاية في الذكاء، الجميع حول العالم اليوم يسعون لأسباب مختلفة، وموضوعية، لتحقيق اقتصاد قائم على التكنولوجيا والمعرفة، في ظل تناقص مصادر الطاقة، ولتوفير الوقت والجهد، إذاً فالمدينة الذكية هي تلك التي تعتمد في تقديم خدماتها للناس على الطريقة الرقمية وفي كل المجالات، معززة روح الابتكار والتجديد. اليوم نجد أن التواصل مع العالم أصبح سهلاً لكل منا، وحتى على ارتفاع آلاف الأميال في الفضاء، حيث تجلس على كرسيك في طائرة تسبح في فضاء الكون، بينما تتواصل أنت مع أهل بيتك وأصدقائك ومكتبك في المؤسسة بواسطة الإنترنت. فالإنترنت لا بد أن تتوافر في المدينة الذكية، في سيارة التاكسي، المترو، مركز التسوق، والمستشفى، وفي كل مكان وبيسر وسهولة، هذا يعني أننا نذهب باتجاه اقتصاد يعظم قيمة الوقت، وقيمة ومقدار الخدمات المقدمة، لأن هناك من تساءل عن جدوى المدن الذكية؟ إننا لن نشعر بأهمية هذا التوجه، ما لم نوجد في مدن ومناطق لا تزال تعيش عصر القطار الذي يستعمل الفحم ليتحرك! أقصد أن هناك مدناً في وطننا العربي لا تزال تطبع على الآلة الطابعة القديمة وتستخدم الكمبيوتر السلكي ولا يمكنك أن تتحدث عن إرسال رسالة فيها إلا بالفاكس! هذه المدن تسير خارج اشتراطات الزمن وبخطوة السلحفاة، لأن بنية أخرى شديدة التعقيد لا تزال فيها متأخرة مئات السنين، مثل شبكات الطرق والمطارات والأنفاق، والجسور، والموانئ، والخدمات الاتصالية وغيرها، فلا يمكن أن توجد مدن ذكية بغير اقتصاد قوي ومتين وذكي، وبغير خدمات متطورة تخدم الإنسان. إنَّ العلم المتطور المعروف بالذكاء الصناعي أصبح مطلباً، وحاجة حيوية، فالإنسان يتجه إلى المستقبل بسرعة فائقة، لكن هذه المدن ستحتاج لكي تكون ذكية إلى حركة عامة ذكية في المدينة، تشمل البنية التحتية الذكية للنقل العام والاتصالات، وإلى البيئة الذكية، وتضمن الحماية من التلوث وإدارة الموارد الاقتصادية غير الإنسان الذكي الذي ينتجه المجتمع الذي يستثمر موارده في بناء الإنسان، وفي توفير الحياة الذكية له، والتي تشمل الثقافة والصحة والإسكان والأمن وقوانين الحوكمة الذكية، ومنها الخدمات العامة والشفافية، ما يعني أن المدن الذكية بناء متكامل وليس مجرد اسم براق، وهنا فإن مدينة مثل دبي، أعلنت أنها ستكون مدينة ذكية بالكامل بحلول عام 2021، ولا شك أن الأمر سيشمل مدن الإمارات جميعها بدرجة أو بأخرى، نتيجة توافر المطالب اللازمة.