توقفت عند «روبوت» القمة الحكومية، وسبقتني فكرة فانتازية، لكنها قابلة للتحقق مستقبلاً، فأشياء كثيرة كانت في وقت من الأوقات نحسبها، وحسبها من قبلنا أنها خيالية، لكنها تحققت، وتراجعنا بعد مشاهدتها على أرض الواقع، وراجعنا أنفسنا، فمن قال عنها: بدعة، صمت، ومن قال: إنها من صنع «النصارى»، لم يلم نفسه حين استعملها. الفكرة.. أن الإنسان الآلي سيحل من مشكلة التركيبة السكانية، بالتقليل من العمالة المستوردة بمشكلاتها الكثيرة، والتي لا تنتهي، بدءاً من استنزاف الطاقة واستهلاك المياه، واستخدام مرافق البنية التحتية، مروراً بالجرائم، والمخالفات القانونية، وانتهاءً بـ«هيومن رايتز»، واستغلال تقاريرها لخدمة الأحزاب السياسية في بلادهم. المهم حينما يدخل «الروبوت» سوق العمل، فأول من سيختفي أغنية «بشكار أمي بنغالي»، وبالتالي سيرتفع رصيدنا من الحسنات في منظمة حقوق الإنسان، وسنتقدم خطوات في قائمة «أمنيستي» السنوية، وسيطرأ تغيير على حياتنا، فلا هروب شغالة نيبالية من كفيلها المواطن، ولا إندونيسية حامل، ولا أثيوبية باركة على صدر ربة البيت، ومطررة ثيابها، ولا فلبينية تريد تروح الكنيسة يوم الأحد، وهي تواعد ربيعها، ستختفي ظاهرة تحجيب الشغالات من الجماعات، وعمال المزارع سيكفون عن الهروب الجماعي، «إتم تدوّرهم في هالعزب، وهالسيح الوسيع، وهم عثرهم زابنين عند مقاول». خلاص.. إنسان حديدي، كله أسلاك نحاسية غير قابلة للكسر أو الإغواء أو نفخ البطن، أو هناك روبوت محتقن، ومتأزم مثل باتاني ما سار بلاده من سنين، وآخر عهده بربات الحجال حلم طيف مرّ خطّافي، لا مطالبات برواتب متأخرة، وحقوق معطلة، ولا حجز جوازات عند الكفيل، ولا «ضربة شمس لعمال يشتعلون»، ودريول عفد على شغالة الجيران، كلها بطارية أن فضّت، لصّق هالروبوت في الجدار، وتعال له بعد ساعة. لا مضغة خضراء «نسوار» مثل رشق الدجاج تطيح على غترتك وأنت مجفي، ولا «بان» أحمر في الشارع، يلوّع كبود المواطنين الكرام، ولا طبيخ آسيوي يفوح في المطابخ، ويعبج في الثياب، ويطلق في دلال القهوة، لا باصات مسيجة، ولا غرف عمال مكتظة، هالروبوتات حطهم مع سياكل العيال، وأخلص. لكنني أتمنى أن لا يخرج علينا من بيننا، من لا يخاف ربه، ويرهقنا، ويلخّنا بفتوى غريبة: «إن الاختلاط بالإنسان الآلي حرام.. حرام، فهو بدعة العصر، وفتنة لنساء المسلمين، فتجنبي الاختلاط به أختي المسلمة، فهذا من صنع أهل الشرك والضلالة، يدخل بيوتنا، ويكشف عوراتنا!