في مسابقاتنا المحلية ومنذ سنوات طويلة، درجت بعض الأندية على اتباع استراتيجية مالية معينة؛ بغرض زيادة الحافز لدى لاعبيها، ودفعهم لتحقيق الانتصارات، والتتويج في البطولات، وتختلف هذه الاستراتيجية من نادٍ إلى آخر، حسب إمكاناته المادية، وطموحاته التنافسية، حيث تصل في بعض الأندية إلى مضاعفة مكافآت الفوز عدة مرات. تبدو هذه الحقيقة عادية ولا غبار عليها بالنسبة للأندية، فاللاعب إذا رجعنا إلى الورق فهو موظف، والنادي إذا عدنا إلى المسمى فمن المفترض أنه شركة، وفي ظل غياب الرقابة المالية، وتوافر المادة، تندرج هذه الاستراتيجية تحت إطار سياسة النادي لتحقيق أهدافه وأهداف جماهيره، وفي عهد الاحتراف، فإن الولاء لا يكون للنادي أو الشعار، ولكن للدرهم واليورو والدولار، ولتحقق البطولات ولتدرك النصر، عليك أن تعمل كثيراً وعليك كذلك أن تدفع أكثر. والغريب أن بعض المسؤولين في اتحاداتنا الرياضية، عملوا على نقل هذه العدوى إلى منتخباتنا الوطنية، ويحق لنا أن نستغرب، خصوصاً أن اللاعب في مهمة وطنية، وكل من يمثل المنتخب ويسعى لإعلاء راية الوطن، لا يجب أن يفكر في الحوافز المالية ولا يليق به أن يبحث عن الثمن. يحاول بعض المسؤولين عن منتخباتنا نسخ الاستراتيجيات نفسها التي كانوا يطبقونها في الأندية، يعتقدون أنهم يحسنون صنعاً، ويجتهدون في إقناع الآخرين بأن هذه هي الطريقة المثلى، ولا يدركون أن الفارق كبير بين سياسة شركة كرة وسياسة اتحاد، وفارق كبير بين قميص نادٍ وقميص منتخب البلاد، ولاعبونا ليسوا بحاجة لمضاعفة المكافآت حتى يردوا الجميل، وحتى يبذلوا كل ما في وسعهم من أجل تمثيل بلادهم خير تمثيل. وعندما نتحدث عن خدمة الأوطان، لا يوجد من يعمل مجاناً، هذه هي سنة الحياة، ولكن بالمعقول، دون مبالغة، نحن لسنا ضد مكافآت الفوز ولا ضد أي مبالغ مادية يحصل عليها اللاعبون نظير وجودهم في المهمة الوطنية، ولكن بشرط ألا يطغى الحافز المادي على الحس الوطني، وبغض النظر عن الغاية ومهما كانت الحاجة، لا يمكن أن تكون الوسيلة بهذه السذاجة، فارتداء قميص المنتخب هو الفخر، وتمثيل الوطن هو شرف الدهر، فالوطن هو الماثل، وهو شغلنا الشاغل، أما مكافأة اللاعبين الحقيقية فهي عندما يرون علم بلدهم عالياً خفاقاً شامخاً في جميع المحافل.