ما أكثر اللاعبين الأجانب الذين جاءوا إلى ملاعبنا كماً وما أقلهم كيفاً، وما أقل أولئك الذين كانت لهم كلمة، ويمكن أن نعد على الأصابع أولئك الذين تركوا في ملاعبنا بصمة، ومن بين هؤلاء ذلك البرازيلي الأسمر، الذي جاء إلينا منذ 4 مواسم، جاء إلينا من ألمانيا بطلاً متوجا، وتركنا وهو البطل، وبالأمس ودعنا ورحل، ذاك هو جرافيتي فارس الفرسان الذي ترجل. من الصعب أن تكون نجماً يشار إليه بالبنان على أرض الملعب، ولكن الأكثر صعوبة هو أن تكسب محبة الجمهور وتسكن في القلب، وهذا هو جرافيتي الذي كان مثالاً حقيقياً للاعب المحترف الذي يقدم الفائدة، وتعلم منه النشء، وكان نموذجاً للنجم الذي سخر كل إمكاناته في خدمة الفريق، كان قائداً للفرسان على أرض الملعب، وهو الذي لم يقض في صفوف الأهلي سوى 4 سنوات، ولكنها كانت سنوات سماناً وحافلة بالإنجازات. ليس هناك أصدق من دموع الرجال، وعندما حزم جرافيتي حقائبه وقبل أن يشد الرحال، ودع جرافا الإمارات بالدموع، غادر قلعة الأهلي التي عاش فيها أياماً لا تنسى، لم يشعر بالغربة يوماً ما، كان بين أحبته وأصدقائه، استطاع أن ينصهر بسرعة في قالب المجتمع الإماراتي، غادر وتبقت له العديد من الذكريات المتباينة، بين قحط البداية، وكرم النهايات، عندما توج بالثلاثية التاريخية، وأسعد كل الأهلاوية، ولما تحقق المراد وتمت المهمة، غادرنا بطلاً ورحل وهو في القمة. ودعت الجماهير الأهلاوية جرافيتي في مباراة الشارقة الأخيرة ورفعت في الدقيقة 23 لافتة عملاقة حملت عبارة «شكراً جرافيتي»، وودعها هو عندما بادلها التحية، وعندما ذرف دموعه في حفلة وداعية، ودعها ولكنه ترك لها ذكريات لا تنسى، وألقاباً لا تمحى، وحقق 5 بطولات هي بطولة الدوري وكأس رئيس الدولة وكأس السوبر، إضافة إلى بطولتي كأس المحترفين، كما حصل على لقب أفضل لاعب أجنبي في الدوري آخر موسمين، وحتى بعد رحيله تتبقى منه أشياء ترفض المغادرة، على سبيل المثال أهدافه الـ93 التي لن تبرح الذاكرة. شكراً جرافيتي على ما قدمته في الملاعب الإماراتية، لن ننساك وبالتأكيد لن ينساك الأهلاوية، كنت مثالاً للاعب المحترف، وكنت نموذجاً للقائد الفذ، وقد نجد صعوبة في انتقاء الكلمات التي تفيك حقك، أما الأرقام والألقاب والإنجازات فهي أكثر إنصافاً، شكراً لك من القلب ولن ننساك يا جرافا.