السعديات اليوم حدق يشع بالفن، وطوق يلمع بالحب، والناس في هذا المكان، طيور ترفرف بأجنحة الفرح.. الفن لغة عالمية، به نرتقي، وإليه نسعى، ومنه يتألق اللون ببريق القلوب الذاهبة إلى المعنى، المواصلة مع المحيط كي تبدو زعانف الحياة أكثر أناقة ولباقة ورشاقة. وعي القيادة الرشيدة، هو الإضاءة الحقيقية، وهو النبراس والمقياس لكل خطوة نخطها نحو المستقبل، ونحن نحمل للعالم شعلة التسامح، مؤزرين بمشاعر صافية، صفاء عيون الطير، رائعة كروعة العشاق، وهم يدعمون ويعززون ويشجعون ويدفعون المواهب نحو المزيد من العطاء، ونحو المزيد من الانتماء، إلى عالم فيه الفن نهر وسحر وطور من نسل الحضارات الراقية والثقافات المستنيرة. اليوم عندما يذكر الفن في مكان، يذكر أولاً في الإمارات وقلبها النابض العاصمة أبوظبي، لأن المنهج واضح، والطريق صريح، والموقف ثابت، والوثبة واثقة، لا زعل فيها ولا خلل.. والسعديات جزيرة الفن، طيورها أرواح، صغار وكبار لبوا نداء الحياة من أجل إنسان أعلى، إنسان فوق الضغائن وفوق الشجن المريض.. في الفن، نستطيع أن نهزم الحقد، ونكبح جماح الكراهية، ونقضي على فيروسات العدوان.. بالفن نحن نلون اللوحة بالفرح، ونطلي قماشتها بالتوازن.. ونطوي قرطاسها بحبل الود.. بالفن نذهب بأطفالنا نحو بساتين مزروعة بورود السعادة، منقوشة بأجنحة الفراشات.. بالفن، نحن نملأ أوعية القلوب بعذوبة التعاطي مع الحياة، ومذاق المنجز الحضاري الذي نسعى إليه، ونسير نحوه. بالفن، تبدو أبوظبي اليوم لوحة تشكيلية ما خطرت على بال بشر، لأن المبدع وطن رجاله أصفياء، يخلدون الكلمة كما يبجلون اللون، هم هؤلاء الأوفياء للحياة، هؤلاء النبلاء، جيادهم مشاعر نثها من غيمة الحب، وقطرها من ندى التصالح مع النفس، فن أبوظبي، لحن الطيور ووشوشة الموجة وموال البحر، هنا في السعديات، تبدو المحارات السالفة تتفتح عن ألوانها الزاهية، لتصير الحياة لوناً كزرقة البحر لنقاء سريرة الأحبة، تبدو الحياة هنا كصوت الخرير في جداول الواحات وينابيع المروج والنجود اليافعة، المعشوشبة بأنفاس العشاق، ومن كتبوا القصيدة من «بحر» الخليج العربي، ذاهبين إلى المحيط، مجللين بالطموح، مكللين بشهامة المبدعين والنابغين الذين بلغوا السحاب بجهد وكد.. فن أبوظبي، حلم طير يتحقق على شواطئ الباذلين بلا توانٍ أو كلل.. فن أبوظبي، نخوة الأرض وصبوة الفرسان لأجل كون يتلو آيات الحلم بحب وشغف.