كان هذا هو ملخص الرسالة التي بعث بها منذ أيام جاسبيروني، المتحدث باسم اللجنة الأولمبية في سان مارينو، إلى اللاعب الألماني توماس موللر، رداً على تصريحات الأخير، حول مواجهة «المانشافت» لسان مارينو، والتي انتهت بفوز ألمانيا بثمانية أهداف نظيفة، حيث أطلق اللاعب تصريحات متعجرفة، أكد فيها أن مواجهة مجموعة من الهواة لا تفيد الألمان بشيء، بل قد تعرضهم لخطر الإصابة. الرسالة التي جاءت رداً على «المغرور الألماني» كما وصفته الصحافة العالمية، لاقت صدى هائلاً، ليس فقط لأنها لامست الوجدان العالمي، ولكن لأنها جاءت عفوية، ولأنها عبرت أصدق تعبير عن آمال وأحلام البسطاء الذين يستحقون أن يكون لهم مكان تحت الشمس، كما أنها جاءت بمثابة «لا» في وجه كل من يتصور أنه من طينة أو عجينة أخرى، أو أنه من كوكب آخر، غير هذا الكوكب الذي نعيش عليه، كباراً وصغاراً. سان مارينو التي تمتلك 200 لاعب فقط يمارسون كرة القدم، استحقت أن تواجه ألمانيا، بغض النظر عن النتيجة، وجنت من وراء المباراة فوائد أخرى غير أن تلعب، أبرزها ما ركز عليه جاسبيروني في رسالته، وهو عائد البث التلفزيوني الذي وجهوه لبناء ملعب في قرية نائية هناك، لا تتجاوز كلفته راتب ستة أشهر لموللر، على حسب وصف جاسبيروني.. أما أهم ما قاله الأخير، فهو أن الكرة ملك للجميع وليس للألمان وحدهم، وأن من يتمسكون بحلمهم في ممارستها لا يفعلون ذلك بشروط ولا إملاءات من أحد.. فقط هو شغف الكرة الذي يحركهم. عدّد جاسبيروني عشرة أسباب لإقامة المباراة، وبدا وكأنه يعدد أسبابنا نحن.. نحن الذين نبذل الغالي والنفيس كل أربعة أعوام سعياً إلى كأس العالم ومشاهدة الكبار.. هؤلاء الكبار الذين لا ينظرون إلينا كما ننظر إليهم.. يروننا عبئاً عليهم ومصدراً للخطر.. الكبار الذين لهم بيننا مشجعون وأنصار.. الكبار الذين لا أتجاوز الحقيقة إنْ قلت إن ما يحصلون عليه من عائدات معظمه منا، فلا أحد يشاهدهم مثلنا ولا يهتف لهم مثلنا. لقد كانت رسالة جاسبيروني، رسالة منا جميعاً.. من المتفرجين لمن يظنون أنفسهم السادة، أن الكرة للجميع.. وأنه يكفينا حين نلعب -إنْ لم يكن من عائد آخر- أن نتذكر أن لدينا منتخباً وأمنيات.. أن نحتضن حلماً حتى وإنْ تأخر.. أن نتمسك بالبقاء وسط من يدعون أنهم الأفضل وهم من صنعوا كل مآسي العالم. كلمة أخيرة: كل المعاني النبيلة للجميع.. هذا يكفي