ها هي بذرة التسامح التي غرسها زايد وراشد – رحمهما الله- في روح هذه الأرض، تصيرُ شجرة عملاقة، ينام تحت أمانها الجميع. وها هو الحبُ الذي سكن قلبيهما، كلمةً وفعلاً، يصيرُ نهراً تشربُ من زلاله القلوب، التي تاقت إلى الألفة، ولم تجد غير الإمارات نبعاً لمبتغاها. ويوماً بعد يوم، نثبتُ نحنُ، أبناء هذه الأرض، مثلما أثبت آباؤنا من قبلنا، أن دولتنا قامت على فكرة العناق والصداقة والسلام، ولم يكن ذلك مجرد شعارات نُطلقها في نشيد الفجر، وإنما نتبعها بمنهاج عمل، وسيرة أخلاق، نستمدها من سماحة ديننا، وفعلٌ يسبق القول في مسير ذهابنا نحو الأمل. ها هو خليفة، الوارث الكبير لقيم اتحادنا، يسن شريعة الأخلاق، ويقولُ لا للتمييز والكراهية، ونعمٌ للمحبة، صفحة يكتبُ نقاء حروفها كل من يعيش في هذا الوطن. وها هو محمد بن راشد يُغلقُ باب التنابذ للأبد، ويجعلُ من مبادئ التسامح والقبول بالآخر نهجاً للارتفاع بأحلامنا، حتى حدود الشمس. إخوتي وأخواتي، نداءٌ خاطب به سموه بالأمس الصغار والكبار، المواطنين والمقيمين، وكل من يسمعُ صوتنا في هذا العالم. لا نريد لأفكار الظلام أن تُعيق سباقنا نحو الضوء البعيد، لا مكان هنا لمن أدمنوا كلام اليأس والتشكيك في ولاء الآخرين بسبب عرقٍ أو مذهب أو طائفة أو دين. وعلى هذه المبادئ السامية قامت دولة الإمارات، وعليها وبها سوف تبقى وتستمر. جميع من على هذه الأرض يخدمُ ويعطي ويبذل الحياة، ويبني كي يعم الخير في بيتنا الكبير. هكذا تُبنى الأمم، ببناء الإنسان ثم الإنسان. شكراً خليفة. شكراً محمد بن راشد. وشكراً محمد بن زايد لأنك باليد التي كتبَتْ فخر هذا الوطن، ورفعتْ شموخه في سماء العز، جعلتَ من أخلاق التسامح والمحبة والاعتدال درساً يتربى عليه أبناؤنا، ونشيداً يترنمون به في صباح السموّ، ونهجاً هو الأساسُ والجذرُ لضمير هذه الأمة وطريق صعودها نحو معانقة المستحيل. ستظل الإمارات، كما عهدناها، واحة أمنيات. تغرّدُ الأمهاتُ في ضحاها بلحن التآخي، ويكتبُ الآباءُ على جبينها كل يوم أنها مهد التسامحِ والمصافحة. وطنُ الغريب إذا ضاقت عليه حدود الأرض، ووطن القريب. جميعنا نسقي تراب علّوها بدم القلب، وبعرق التفاني من أجل أن تظل وطناً خيمته الوفاءُ، وشعبه الولاءُ، وروعته أن الجميع على أرضها حرّاسها. دامت الإمارات. ودامت عليها أعراسها.