لست من ذوي مهارات التصوير السريع عبر «الموبايل» والنشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي، ولكن عند منتصف ظهر أمس، تمنيت أن أنقل المشهد للجميع ليتحمل مسؤولياته. ففي الشارع الفرعي الواقع بين مقر عملي ومدرسة النهضة للبنين فوجئت بسيارة دفع رباعي رمادية اللون تسير عكس السير تندفع نحوي، وطالب يطل بنصف جسمه من نافذة المقعد الأمامي وسط أصوات الموسيقى الصاخبة وهدير المحرك العالي، أفسحت له الطريق، وتوقفت جانباً من غرابة المشهد في مثل هذا الوقت من النهار، قبل أن يخرجني من دهشة اعترتني عامل تصادف وجوده في المكان قال، إن مشاهد الرعب تتكرر على هذا الطريق في أوقات متفاوتة. كان في مقدمة ما استوقفني وجود طلاب خارج أسوار مدرستهم في تلك الساعة، وإصرارهم على تعريض حياتهم والآخرين للخطر بقيادتهم للسيارات بطيش واستهتار وعكس السير، مؤكدين قناعات راسخة لدي، أن المأساة التي نعاني منها جراء استمرار النزيف البشري على طرقاتنا الداخلية والخارجية، وجود أمثال هؤلاء المستهترين خلف مقود السيارات. كم كان المشهد سيكون مؤلماً للقلب لو أن سيارة متهور آخر تواجهت من الطرف الآخر أو أثناء عبور أم قادمة مع صغيرها من العيادة المجاورة، عشرات الاحتمالات ترتسم أمام المرء في مثل هذه المواقف التي لم يتوقف أمامها هؤلاء شأنهم في ذلك شأن أي متهور وطائش ينسى نفسه ما أن ينطلق بمركبته كما لو أنه يطير بها. التحدي الكبير الذي يواجه إدارات المرور في العاصمة أبوظبي، وغيرها من مدن الدولة كيفية التعامل مع الطائشين الذين يزداد طيشهم رغم كل المبادرات والإجراءات المتخذة من استقبال المقاطع المصورة للمخالفين، أو البلاغات عنهم وغيرها من الأمور. ومن يقوم بمثل هذه التجاوزات والممارسات الخطرة يدرك تماماً أن هناك من يرصده، ومع هذا يصر على فعلته الطائشة معرضاً حياة أبرياء للخطر. أولياء أمور الطلاب الذين شاهدتهم، من المؤكد أنهم مطمئنون لوجود أبنائهم على مقاعد الدراسة بينما كان هؤلاء يمثلون خطراً على غيرهم وعلى أنفسهم. المسؤولية هنا مشتركة بين الذي وضع مفاتيح سيارة في يد مراهق طائش، ومدرسة تعتقد أن مسؤولياتها تنتهي عند عتبات أبوابها. وكذلك دوريات الشرطة التي لم تعد تتواجد عند المدارس بعدما كانت حاضرة في بداية وانتهاء الدوام المدرسي.