الإنسانية بحاجة إلى وعاء جديد ترشف منه الماء النقي، الصراعات والحروب أثارت غباراً كثيفاً، وعفرت الأرض، وشوهت وجه الإنسان، لذلك من الطبيعي أن يلتفت النبلاء إلى هذه الظاهرة المسيئة للعقل البشري، وحضارته العظيمة، وأن يلملموا شتات محبي الحقيقة، من أجل وضع حجر أساس لانطلاقة واعية، ووثبة ذكية، لأجل إعادة التوازن للعقل البشري، وتنقيته من الشوائب، وصد كل ما هو مجحف ومرجف، ومستخف. الإنسانية بحاجة إلى عمل دؤوب يقوم على اليقظة وصحوة الروح، بعد أن كسفت الشمس، وخسف القمر، وارتد الحجر على البشر، وتطاول الشرر، وتمادى الحقد والكدر، الذين يحبون الحياة ويعشقون جمالها، قادرون على بث الروح في الطائر الجريح، قادرون على نثر القصيدة العصماء، قلادة على نحر الكون، قادرون على إضاءة النجوم وحث الأنهار على المشي على تراب العطشى، قادرون على صياغة الرواية من البداية والذهاب بالوجدان الإنساني نحو مناطق العشب القشيب، ودر الأخطار وكبح جماح العدوان عن أرواح الملايين من البشر. مجالس المستقبل، هي رسول العالم الجديد من أجل ثقافة جديدة قوامها الحب، ونبراسها الشفافية وديدنها التلاقح.. مجالس المستقبل، من أجل جيل يصبح على لون الوردة، وعطر الثمرات على أغصان الشجر، وتغريد الطير عند هامات الغيمة الممطرة. مجالس المستقبل، من أجل شباب واعد، لا يخضه خضيض، ولا يرضه رضيض، إنه شباب العالم الذي ينهل من ثقافة تتنوع فيها الأشياع والأضلاع، هي ثقافة الكون، ثقافة الفطرة، من دون تلوين أو تضمين أو تخمين، أو تزيين ثقافة برائحة الأرض، ولون السماء، وخرير الماء، ووشوشة البحر. مجالس المستقبل حلم الفلاسفة الكبار والأنبياء، حلم السماء أن يصبح للنجوم عيون، وأن يصير للقمر آذان، ويمتلك الغير ألف ألف لسان. مجالس المستقبل قارب النجاة الذي سينقل الفكر الإنساني من جهد الاحتراقات إلى أوسع القارات، هناك تكمن الحقيقة هناك العظماء من الشرق حتى الغرب، مروراً بديار العرب، من مارتن لوثر إلى كونفشيوس، مروراً بابن ظاهر وابن ماجد، رؤى وأفكار كحبات المسبحة، تلتصق كلما تفترق، وتداعب أنامل الوجود، بتسابيح عرفانية مبدؤها التسامح، والمحبة. مجالس المستقبل تلتقي على أرض الديانات الكبرى جزيرة العرب، وبالتحديد على تراب الإمارات الحبيب. مجالس المستقبل، هي الديوان الأول فيه أحلام النجوم ونثات الغيوم، هي قطرة المطر التي ستقبل الأرض وتهدي الحياة ابتسامة الأمل، لكل الذين طحنتهم المعاناة وقسوة الأفئدة، ولأن الإمارات منبت الإبداع الإنساني فإنها تحتضن هذا الصرح العالمي بقلب يتسع للقارات وفكر بمساحة المحيطات وقيم أعلى من قمم الجبال الشم، وسجايا ببياض الموجة ولأن الإمارات واحة، فإن طيور العالم تهفو إلى مكانها ولا يصفو التغريد إلا في حقول ترتع فيها الفراشات وتزهو الزهور بألوان الوفاء لكل العالم الإمارات وردة تمنح الحب من دون شروط إلا شرطاً واحداً هو الحب.