اعلم أيها المواطن أجارك الله، وأعزك في دنياه، وجعلك من الصالحين من عباده وأتقياه، وأبعد عنك صنيع ولاياه، أن طرائق الاستبداد عند النساء عظيمة، وهي ليست بالخفية، ولا بالنية، بل عليمة، فتتسلط عليك في عز فرحك، وتغزو بمآسيها قمة مرحك، تتساوى عندها الصغائر والكبائر، والجريرة والجرائر، فصرخة إهمال الخادمة، وكسرها الصحون، تتساوى مع صرخة احتراق البيت بالدخون، كل المؤشرات عندها متقاربة، وكل الأمور عندها صابون، وحين تريد أن تصفن، وتتأمل وتذهن، وتريد استخلاص العبرة، واستجلاء الفكرة، لا تجد لها تبريراً، ولا سبباً، ولا تفسيراً، فيمكنها أن تدخل عليك هائجة، لا مسمية ولا مصلية، ولا مستهدية ولا هادئة، فتقفّزك من أحلى منامك، وتطيّر أجمل أحلامك، لتقول لك: إن خاتمها، وعصمة أمرها مفقود، فلا هو في صناديقها مرصود، ولا هو في خزائنها مفنود، وآخر ما رأته في عين صديقتها الحسود، وهي تعلم علم اليقين، ولديها من الأدلة والبراهين، ما يثبت أنك مسكين، وأنك لا تعرف موضع خاتمها اللعين، وأن لا ناقة لك فيه، ولا جمل سمين، ولكنها تريد أن يضجر معها أحد، وأن يعضّدها من أهلها فرد، ولا شخص من قبل، ولا من بعد، إلا الزوج البعل، والقرين الفحل، وحامل الثقل والحمل، فيطير النوم من عينيك، ويظل قلبك يختض بين حنانيك، وحين تهم بالبحث والتدوير، مقلّباً أنحاء السرير، مكيلاً لها الدعوات، وإن سجّل منكر ونكير، تسمعها تهمد من البرود، وأن خاتمها في إصبعها موجود! واعلم أعزّك الله، وبيّض صحائف أعمالك، وألهمك التقى، والعفاف والغنى، أن المرأة لا تحب لسيارتها الخدش والكدش، ولو بطرف سكين، لكنها لسيارات الآخرين أول الكادشين، الخادشين، فهي يمكنها أن تنقش شعرة من الغترة أو طرف السفرة، ولكنها إن اصطدمت بحافلة، أنكرت الرؤية، وادعت الغبش، وخبأت نقّالاتها في داهية، وتظاهرت أنها كانت ساهية، وبالأولاد لاهية، وما أكثر مخالفات الرادارات، رغم التنبيه والتحذيرات، وعدم الاعتراف بـ «المسجات»، ناكرة، حالفة، قاسمة بالمقدسات والآيات، ومن العلل والوعود، وكأن الزوج صبّاب وقود، أن تترك سيارتها عطشى حتى الرمق الأخير، فتأتي متغنجة كحيّة تزحف على حرير، وهي كشنشنة نعرفها من «أخزم» النحرير، فتدرك مغزى طلبها، ومبتغى أربها، وهي سيارة الزوج الفقير! واعلم أيها الأخ المعذب في الأرض، أنك إليها من الراجعين، وعلى أمرها من الصابرين، وعلى رضاها من المبتغين، ولا لك من حيلة أو وسيلة، إلا رفع أكف المتضرعين، ودعاء الخاشعين، أن «هيلاري» كانت من المغلوبين!