مساء أمس الأول، كانت ليلة إسدال الستار على عرس الشارقة الثقافي في نسخته الـ35، عشرة أيام من الأنشطة والفعاليات النيرة المتميزة لمعرض الشارقة للكتاب التي تجاوزت بكثير ما يراه البعض من مجرد تجمع أو ملتقى لعشاق الكتاب. كان الحدث الأضخم والأكبر والأكثر تنوعاً، مضيئاً كالعادة، حيوياً متدفقاً بالفكر، يحلق بالإبداع والتواصل والإشعاع الحضاري والإنساني، وهو يضيء بشيء من رؤى «سلطان الثقافة» صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي أغدق على هذه المنارة الفكرية والثقافية والإبداعية الكثير والكثير، رؤيةً وتوجيهات ورعايةً ومتابعةً، حتى ترعرع وشب، وأينع وأزهر، ليصل إلى ما حقق اليوم، وعدد زائريه يتخطى حاجز المليوني زائر. بحر من البشر من مختلف الأطياف اجتذبهم هذا القبس المشع من شارقة الثقافة، وتقاطروا زرافات ووحداناً على المعرض على امتداد أيامه العشرة الثرية. كان المشهد اختزالاً لما تصنع الثقافة، وما ينتج عشق القراءة على أرض الإمارات التي فاجأت المنطقة والعالم بصدور أول قانون وطني للقراءة. في وطن القراءة، قصة تسمو بالإنسان وتهذبه روحانياً وإنسانياً وحضارياً، وتجعل منه عنصراً منتجاً يعمل على إضافة الجديد للحياة، لا مجرد كائن هامشي في عالم يعتز بعقول وإسهامات أهل الفكر والاجتهاد والإبداع والتجديد. مشاهد تروي قصة وطن تتسامى فيه القيم، وتنثر أريجها بين كل كتاب ودار للعلم أو الفن أو الابتكار، وبين صفحات سفر المجد الذي صنعت الإمارات، تتجلى رؤى الغرس الطيب بالقراءة والتعليم لصياغة الإنسان على هذه الأرض الطيبة، إمارات المحبة والعطاء والفكر والنماء. ونحن إذ نهنئ المنظمين والمشرفين على المعرض بالإنجاز والنجاح الباهر لمعرض الشارقة للكتاب الذي تحقق لهذا العرس الثقافي السنوي، والذي أصبح ملتقى عربياً وعالمياً بارزاً، نتمنى عليهم أن يضعوا ملاحظات رواده بعين الاعتبار للتخلص منها في الدورات المقبلة من المعرض، وبالذات ما يتعلق بأزمة العثور على موقف للسيارات، وما يتوجب معه البحث عن حلول ذكية وبدائل مريحة. وعليهم كذلك إيجاد حلول للاكتظاظ والتزاحم عند نقاط معينة داخل المعرض، لا سيما عند المصلى منعاً لتدافع قد يجلب ما لا تحمد عقباه. مجرد ملاحظات لاكتمال المشهد الزاهي الجميل الساطع الذي يواكب كل دورة من دورات عرس الشارقة الثقافي، فشكراً «سلطان الثقافة».