احتضنت العاصمة المغربية الرباط بالأمس اللقاء الثالث لندوة «تحالف عاصفة الفكر»، وما يميّز هذا اللقاء نصف السنوي أنه يضم مجموعة من المفكرين والباحثين والمتخصصين في الشأن السياسي والأمني العربي، يتحاورون في جلسات مغلقة في أهم القضايا والتحديات والمشكلات التي تواجهها الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، ابتداء بالإرهاب والطائفية والعنف، وانتهاء بالإعلام ودوره في التعامل مع الوضع الحالي، وعلى مستوى عال من المسؤولية والحريّة يدور الحوار، ويخرج المجتمعون ببيان ختامي يضعون فيه خلاصة أفكارهم ورؤاهم لقضايا المنطقة، وكذلك الحلول الممكنة للتعامل مع تلك الأزمات. وقد نجح «تحالف عاصفة الفكر» منذ انطلاقته الأولى في أبوظبي في العام الماضي برئاسة الدكتور جمال سند السويدي في أن يجمع عدداً من الأسماء العربية التي تمتلك الخبرة، وتمتلك الرؤية والفكر، وفي الوقت نفسه لديها الحس الوطني والقومي العالي، الذي من خلاله تنطلق المناقشات التي تقوم على أساس واحد هو مصلحة هذه الأمة ودولها ومستقبل شعوبها وأبنائها، وهذا ما نحتاج إليه في هذه المرحلة التي أصبح فيها صوت الإرهاب عالياً، وفعل المتطرفين مدوياً بالشر والسوء والإساءة للإسلام والمسلمين، بل وللعرب أجمعين مسلميهم ومسيحييهم. مواجهة الإرهابيين والمتطرفين المذهبيين والطائفيين أصبحت مهمةً، وكذلك تفكيك الخطاب الإقصائي بات مهماً أيضاً، وإدراك الجمهور أن الصراع في المنطقة ليس صراعاً سنياً شيعياً -كما تسعى إيران وأذنابها إلى تصويره- وإنما هو صراع عربي فارسي صفوي بلا شك أو ريب، لقد أصبح توضيح ذلك للجميع في غاية الأهمية حتى يتوقف الصراع العبثي بين أبناء الأمة الواحدة بسبب إيحاء خارجي بأن هناك مشكلة بيننا بسبب المذهب. كما أن موضوع الإعلام أصبح مهماً للغاية لمواجهة تحديات المنطقة، فالحلول الأمنية والعسكرية قد تساهم في إنهاء حالة، أو القضاء على مجموعة، ولكن الإعلام الذي يستخدمه العدو لبث الشائعات واختلاق المشكلات وبث الفتن بين أبناء الشعب الواحد أصبح من المهم أن نواجهه من خلال استراتيجية ورؤية واضحة جداً، خصوصاً أن الإعلام لم يعد كالسابق قنوات فضائية وجرائد يومية بل أصبح إعلاماً رقمياً واجتماعياً يستخدمه الجميع، وللأسف أن أعداء هذه الأمة نجحوا في استخدامه بالشكل الذي يسيء لنا ويفرق بيننا، وقد تأخرنا كثيراً في إعداد أنفسنا للاستخدام الصحيح في هذه الحرب الإعلامية الشرسة، لذا فإننا مطالبون اليوم بالعمل الجاد والممنهج والمنظم لحرب إعلامية قد تكون طويلة الأمد مع من يتربصون بهذه الأمة. مثل هذه الاجتماعات مهمة جداً، وتحالف فكري عربي في هذا الزمن أصبح ضرورياً، والأكثر ضرورة أن يتسع هذا التحالف الفكري ويستمر ويصبح أقوى بمن يضمه من شخصيات عربية مخلصة لأمتها وأوطانها وشعوبها.