اغتيال الصحفي والكاتب الأردني ناهض حتر في وضح النهار وأمام قصر العدل في العاصمة عمان، جريمة إرهابية تحمل في طريقة تنفيذها وتوقيتها الزماني والمكاني كل الدلالات التي تكشف طريقة تعامل قوى التطرف الظلامية مع من يختلفون معهم في الرأي. ومهما اختلفنا أو اتفقنا مع الكاتب وغيره من الكُتاب الذين لا يملكون سوى الفكر والقلم، لا يمكن تبرير تلك الجريمة الإرهابية البشعة. جريمة تذكرنا بجرائم مماثلة للظلاميين في كل مكان، ولعل في مقدمة تلك الجرائم اغتيال الكاتب والمفكر المصري فرج فودة في عام 1992، ومحاولة اغتيال الروائي الحائز نوبل الآداب نجيب محفوظ في أكتوبر1995. وتابعنا بعدها التحقيقات التي كشفت أن الذي قتل الأول كان أمياً، وأن الشابين اللذين قررا تصفية الأديب الراحل صاحب «أولاد حارتنا» لم يقرأ أي منهما أعماله، ومنها هذه الرواية التي أصدرا على أساسها حكمهما بقتله، فقط لأنهما سمعا بها وما قيل عنها!! هكذا هم عرابو الإرهاب وتكميم الأفواه وخنق الحريات، يوظفون باسم الدين الجهلة والسقطة وأرباب السوابق في قضايا المخدرات وهتك الأعراض من أجل تنفيذ مخططاتهم الإجرامية، ويستغلون مشاعر البسطاء وغيرتهم الشديدة على دينهم لتحقيق غاياتهم الدنيئة. لأنهم لا يؤمنون بمقارعة الفكر بالفكر والحجة بالحجة والمنطق بالمنطق، لأنهم بكل بساطة بلا فكر ولا حجة ولا منطق. الشيء الوحيد الذين يجيدونه، الدجل والكذب والتضليل وقتل من يختلف معهم ولا يسايرهم بطاعة عمياء لا تقبل النقاش أو حتى السؤال. أعود وأقول أن توقيت ومكان تنفيذ تلك الجريمة الدنيئة في العاصمة الأردنية، رسالة من أمثال هؤلاء الملتاثين بأنهم لا يعترفون بقانون سوى شريعة الغاب، وأخذ الأمور بالبلطجة وقوة السلاح. ليلغوا بذلك وجود الدولة وقوتها وقوانينها وأجهزة تنفيذ القانون فيها. وأبشع ما في ممارساتهم، استغلال ديننا الإسلامي السمح لتبرير فظائعهم وجرائمهم النتنة. هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم حماة للدين وسدنة للفضيلة بينما أياديهم ملطخة بدماء أبرياء حصدهم الإرهاب اللعين في مختلف مناطق عالمنا الذي اكتوى بنيران الإرهاب، بصورة تستدعي المزيد من العمل المشترك لقطع دابر الإرهاب والإرهابيين. وإذا كانت هناك من كلمة، فهي ثقتنا الكبيرة بقدرة أهلنا في الأردن الشقيق على وأد كل فتنة يحاول إثارتها الذين يريدون فرض كلمتهم، وإطفاء نور الحق والحقيقة في أرض النشامى.