غفر الله لشهداء الإمارات، رفعوا في وجه الظلم أعلى الرايات فزرعوا في سماء المجد لآلئ يشع منها نور الأمل والفداء الحق. واستوقفني تفسير الشيخ الشعراوي (رحمه الله) لكلام المولى عز وجل «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ» إذ فسر النحب بالأجل والعهد وهما مرادفان لا غنى لأيِ منهما عن الآخر. شهداء الواجب والشرعية والوطن من نخبة البشر عاشوا واستشهدوا إيماناً ويقيناً بمبادئ الصدق والوفاء، ولم يثنهم عن ذلك متاع الدنيا أو مُلهياتها، فتسابقوا للوقوف بشموخ عند مداخل التاريخ حتى أصبحت كُنية الشهيد من أرفع الأوسمة وأنبلها، فمن ينادى بأب الشهيد، أو أمه، أو أخته تغمره نشوة العزة والفخر، ولا تُعد زوجته أرملة بل مقامها «زوجة الشهيد» فراقٌ مؤقت واللقاء في جنة الخُلد إن شاء الله. ولشهدائنا حضور استثنائي نستشعره في بيوت العزاء، وحيث الواجب والمحبة والتقدير تُراوح الذكريات ما يتفوه به الرواة جهراً عنهم يطيل أعناقنا ويزيدنا سمواً وفخراً. لقد علمتنا دروس تضحياتهم أفضالاً لا ننساها فمنها تُستَدامُ قوتنا وطاقتنا الإيجابية للمضي قدماً وقد عقدنا العزم على أن نعمل بكل جدٍ واجتهاد لنرفع العلم في مواضعٍ تُشرف مقامهم. ومثلهم تماماً لا يتبدل عزمنا وإصرارنا على طاعة أولي الأمر وإن كلفنا ذلك أرواحنا، فوطنٌ أسسه الشيخ زايد - طيب الله ثراه - وسعى في لحمته الشيخ خليفة بن زايد ـ أطال الله عمره - وارتقى به إلى الصفوف الأولى الشيخ محمد بن راشد - رعاه الله - ووحد بيته الشيخ محمد بن زايد - حفظه الله - يجعلنا نضع عيناً على تميزه والأخرى تتطلع لفدائه. من القلب أرسل تحية إلى مناهج التعليم التي ستدرج سِيَر «شهداء الوطن» في المدارس، فذلك سيزرع في الطفل عناصر الولاء والانتماء ويحصد في الشباب الذين تُخَرجهم صروح التربية والتعليم ليكونوا دروعاً يذودون بأرواحهم عن الوطن تحقيقاً للعدالة والكرامة والإنسانية. صار تركيزنا في الصباح والمساء على عبارة «بالدماء نرويك حصنتك باسم الله، يا وطن». للعارفين أقول: الإمارات هي القلب والروح وقد نشأنا ونتمنى أن نموت على حبها وفداءً لها. يقول ألبرت اينشتاين «وحدها الحياة التي نحياها من أجل الآخرين هي ما تستحق العيش». هذا ما أثبته شهداؤنا الأبرار. رحمهم الله وطيب ثراهم وألهمنا لملء فجوة غيابهم أملاً وإصراراً وعزيمة ونحن ننتظر نداء الوطن فلا نبدل تبديلا.