«أتمنى أن يخترعوا كاتم صوت بشري، لأتخلص من ثرثرة زوجتي». هكذا سجل أحد المستطلعة آراؤهم حول ما يتمنى أن يخترعه العلماء لخدمة البشرية في العام الجديد 2015. في رأيي أنه كان من الأولى له أن يتمنى اختراعاً يمنح أذنيه خيار استقبال أصوات البعض أو منعها!. لا تبلغ الغاياتُ بِالأَمانِي، هذا ما قاله العرب، بمعنى أنه لن تَبْلُغَ هَدَفَكَ بِمُجَرَّدِ التَّمَنِّي والتَّرَجِّي. وفي الانجليزية تأتي كلمة (wish for) بمعنى أراده، أمر به، حاول نيله وطلبه. وهنا يتضح تماما أن المعنى مقرون بفعل، وليس التوقف عند إطلاق الأمنية والاكتفاء بالترقب. رغم وضوح معنى الأمنية، إلا أن أمنياتنا بصيغها المعتادة تسير على نهج «اللا تحقق»، وبطريقة الترقب وكأن الأمور ستحدث وحدها. تعج القائمة التي سجلنا فيها أمنيات العام الجديد بكثير من المتشابهات، فأغلبها أمنيات مرحَّلة منذ عقود طويلة، أكاد أراهن أن أجدادنا أطلقوها سابقا، وجلها حول ملفات سياسية واقتصادية. المثير أنه وبعد انقضاء كل عام، نقول أن هناك مؤامرة حيكت ضدنا لكي لا تتحقق أمانينا. وهذا أكيد.. لأن كل مقومات النجاح تتوافر للكثير منها. فلماذا إذن لم تتحقق؟ بالفعل هناك مؤامرة ولكنها مؤامرة نحيكها دون قصد على أنفسنا! ما يحدث عادة أننا نتمنى أشياء تخص الآخرين لتحقيق غاية تخصنا؛ فلو تأملنا مليا في أمنياتنا لوجدنا ذلك. فإضافة إلى صاحب أمنية كاتم الصوت، نجد مثلا أمنيات أبسط مستوى إلى أعلى مستوى على شاكلة: أتمنى أن تتوقف السلبية واللامبالاة في بيئة العمل، بينما الأمنية الأفضل هي: أن أتمكن من الصمود أمام كل المعوقات وأن أستمر في طريقي بنفس الجدية والإيجابية. وكذلك أمنية أن تنتهي مشاكل العرب وأن تحل قضاياهم الخلافية وأن تتوحد الأمة العربية، بينما الأمنية الأجدى هي: أن أتمكن من الإسهام في استقرار بلادي والحفاظ على أمنها وأن أكون لبنة صالحة في صرح الوطن الكبير. لا تطلبوا من السنوات أن تكون أفضل.. اطلب من نفسك أن تكون أنت أفضل لتستحق سنوات أفضل. فكيف نتوقع أن يكون العام الجديد أجمل من سابقه، إذا كنا نحن أنفسنا لم نتغير ولا نجيد صنع الجمال. هكذا.. وهكذا فقط تتحقق الأمنيات.