لماذا لا تتطور المواهب في ملاعبنا؟، ولماذا نحن على العكس من أغلب دول العالم التي تمارس كرة القدم بشكل سليم، الموهبة تكون في أوجها عند بداياتها، ثم تبدأ في التراجع التدريجي والمنظم، ونبذل كل ما في وسعنا من أجل قتل هذه الموهبة في مهدها حتى تضمحل وتتلاشى تماماً عندما نكون أحوج ما نكون للاستفادة منها وتسخيرها في خدمة هذا الوطن. يقول قائل: إن الأندية هي السبب وتقف حجر عثرة في طريق احتراف لاعبينا خارجياً، ولكن أين هي العروض؟، وعدا عن ما ينشر في بعض التقارير الصحفية والذي يتحدث عن عروض احترافية للاعبينا، أين هم الوكلاء الذين جاءوا بعروضهم الرسمية؟، وهذه التقارير هل نشرت لنا صور هؤلاء الوكلاء وأسماءهم، وهم يصلون محملين بالعقود المزعومة، أم أن الأمر لا يزيد عن كونه اجتهادات صحفية ليس لها وجود على أرض الواقع. هل يستطيع لاعبنا المواطن أن يخوض عالم الاحتراف الحقيقي، وأن يتأقلم مع كرة القدم كوظيفة، لتصبح حياته يتحمل مغارمها كما يتمتع بمغانمها؟، هل لديه القدرة على توديع حياة الترف التي يعيشها وينغمس في العالم المحترف؟، هل يستطيع أن يتقيد بأنظمة الاحتراف الصحيحة وما يتبعها من ساعات تدريب مكثفة، ونظام غذائي صارم؟، هل يستطيع أن يلتزم بساعات معينة للنوم؟، هل لديه القدرة على الابتعاد عن حياة مرفهة اعتادها منذ نعومة أظافره؟، هل سيقبل بمردود مادي يقل كثيراً عما يتلقاه في ظل تضخم الأسعار في أنديتنا؟ هل يفعل كل هذا من أجل الوطن؟، إذا كانت الإجابة على كل ما ذكرته أعلاه هي نعم، فلندعهم يحترفوا في الخارج إذن. الحل ليس في الاحتراف الخارجي فقط، ولكن في أن تطبق أنديتنا هذا النوع من الاحتراف في الداخل، الحل في أن نعترف أن الاحتراف الذي نطبقه هنا ليس سوى أكذوبة كبرى، الاحتراف ليس مجرد عقود نوقعها مع اللاعبين لضمان حقوقهم، وغابت عنها صفحات الواجبات التي تنظم حياة اللاعب المحترف، تلك الصفحات التي تجعله يحافظ على نفسه، ويسعى بشكل دائم إلى تطوير قدراته، تلك الصفحات التي تنظم شؤون حياته، تلزمه بأسلوب حياة معين، ونظام غذائي وساعات تدريب معينة، وأوقات للنوم والصحيان، صفحات فيها تعريف الاحتراف الحقيقي، صفحات كتب فيها أن الاحتراف الحقيقي ليس مجرد حبر على ورق، ولكنه أسلوب حياة.