المحافظ، أمين العاصمة، رئيس البلدية، عمدة المدينة، تختلف الأسماء والمسميات، لكنهم كلهم ذلك الشخص، هؤلاء إذا ما تطرقْتَ إلى البنية التحتية، وانتقدت سوء الأعمال في البنية التحتية، وقلت إن البنية التحتية لمدينتنا أسوأ من أي بنية تحتية لدولة أفريقية، دائماً ما تكون عرضة للجفاف، تقول، وكأنك «سابّ لهم أهلاً أو لاعن صِير أحدهم أو معتد على حرماتهم»، قل ما تشتهي أن تقول، لكن لا تذكر البنية التحتية عندهم، تراهم مثل «الجني والعطبة»، ويكرهون أي أحد يشير بالبنان للبنية التحتية، لذا ما إن يعين أحدهم في ذلك المنصب، حتى تجده يضع نصب عينيه البنية التحتية، طيب هناك أعمال، ومشاريع أخرى تنهض بالمدينة، وعليك متابعتها، فلا تجد على لسانه إلا البنية التحتية، وفي أول ظهور إعلامي له، ستجده يحرص في خطابه، بعد أن يتعلث، ويتحجج، ويتميلح، ويحاول أن يزج بالبنية التحتية كل ثلاث جمل غير مفيدة، وكأنها مثل العلكة الباردة في فمه، ويزهو بها كثيراً، وبعضهم يوصي الصحفي قبل أي مقابلة أن يسأله عن البنية التحتية، وحينما يوفد لدولة أجنبية في زيارة رسمية، تراه أول ما يسأل نظيره عن البنية التحتية، وكثيراً ما تفشل اللقاءات الثنائية بين الطرفين في الدولتين الشقيقتين، نتيجة الخلاف الحاد على البنية التحتية، ومرة واحد من المسؤولين العرب في زيارته الأخيرة لليابان أراد التأكد من بنيتهم التحتية، وإحراجهم في نفس الوقت،ففوجئ المسؤول الياباني بالسؤال الذي يعود لما بعد كارثة هيروشيما ونجازاكي، واندهش المسؤول العربي حين عرف أن لا بنية تحتية في اليابان، ومرة رجع أحد المسؤولين الجدد من زيارة قصيرة لهولندا، وهو يردد على موظفيه، ويضحك حتى يكاد أن يستلقي على قفاه، وهو يتذكر حينما قال له نظيره الهولندي إن بنيتهم التحتية هي الماء، ويسير الزمان بالمحافظ، ويمضي الوقت برئيس البلدية، وتنهى أعماله بطريقة مفاجئة أو نتيجة سوء إدارة، أو نتيجة استعمال اليد اليسرى في البخششة والهندسة، دون أن تعلم يده اليمنى، ويُقال أو يطلب منه تقديم استقالته المجبر عليها، وأن يجلس على «بِيصه»، لكنك تجده يصيح، وفيه لوم الدنيا، لأنه مغادر، ولم ينجز بعد البنية التحتية، طيب خلّ البنية التحتية على «تجلى» غيرك من الدماء الشابة الجديدة، فيصور له شيطانه، أنه حامي حمى البنية التحتية، ويعتقد جازماً، أن لا بديل له، وعنه في الاهتمام، ورعاية البنية التحتية، وكما كان يقول: «معاشاتنا كلها من البنية التحتية»!