تشير الدراسات الأركيولوجية والأنثروبولوجية والأساطير إلى أن العصور الأولى من عمر البشرية، قدست النساء وأنشأت لهن المعابد، وقدمت لهن القرابين للحظوة وللحصول على بركاتهن وخصبهن ودرء غضب الطبيعة. وأن المجتمعات الإنسانية الأولى كانت مجتمعات أمومية في الأصل، وفقاً لكون الأنثى هي أصل الكائنات، لا البشرية وحدها، بل جميع كائنات الطبيعة. حتى جاء الغزو الهندو - أوروبي بهمجيته الجبلية ووحشيته الدموية الذكورية، وأزاحها ليحتل موقعها في القداسة ويحيل حنان حضورها ورأفة حكمتها إلى استبداد ذكوري فتك بالبشرية والحضارات، منذ آلاف السنين حتى اليوم. وجعل من المرأة كائناً أقل في رتبة الطبيعة والإنسانية والمجتمع، وابتكر باسمها أشد التقاليد إجحافاً، وأغرب الأعراف عسفاً، وأقسى الشرائع انتهاكاً وظلماً وعقاباً على هبة الخالق والطبيعة، كونها رحم الكائنات وسر بقائها وتوالدها واستمرارها. ورغم أن الرجل لم يسلم من عسف الرجل إلا أن ما وقع على المرأة أضعاف ما يقع عليه، وما ينالها من نصيب في الوجود أقل من القليل من الحظ في حق الحياة المجرد. منذ تلك الأزمنة البعيدة والمرأة تخوض صراع وجود أكثر مما تخوض صراع حق وحرية. وهي في صراعها تبتكر الوسائل وتبتدع الطرق، وتنال من التعسف والقهر والمصادرة قطرة قطرة منذ ولادتها، وعبر تنشئتها التي تضعها في المرتبة الأدنى دوماً من مرتبة الذكر في العائلة والرجل في العمل والزوج في الأسرة. وما أساليب التنشئة وطرق تطبيقها وبنودها المتوارثة التي تسهم المرأة نفسها في تكريسها كونها تابعاً طائعاً يسير ضد ذاته، إلا ما ابتكره الرجال لقهر الأنثى وقسرها على قبول تدني مكانتها وعلو مكانته، وتطويعها لخدمة مستلزمات عيشه، وأن تقبل بمنتهى الرضا كل ما فرض عليها. وها هي المرأة اليوم في الإمارات تستعيد حضورها ومجدها بفضل (أم الإمارات) سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة. فقد جعلت سموها من المرأة في الإمارات منارة للرقي والإبداع، ومثالاً يحتذى به في جميع الدول العربية وغيرها، التي عانت فيها النساء من الإهمال والتهميش. وكرست يوماً وطنياً (28 أغسطس) من كل عام للاحتفال بالمرأة، ليس الإماراتية فقط، بل كل النساء في الإمارات والعالم. فهنيئاً لنا نحن النساء، وعلينا أن نرفع رؤوسنا عالياً، ونوقظ كل قدراتنا الإبداعية في كل مجالات الحياة، التي احتجزت وراء مفاهيم التمييز!