تابعت منذ أيام شكوى أحد ملاك العقارات من الأعباء والغرامات التي ترتبت عليه بعدما ترك الحبل على الغارب لمستثمر عاث في بنايته تقطيعاً وتقسيماً لتكديس أكبر عدد من المستأجرين فيها. وبدلاً من أن يلوم نفسه، لام الجهات المختصة لأنها «صبرت» أعواماً على المستثمر الأجنبي لتحصيل مستحقاتها التي وجد نفسه ملزماً بسدادها. لم تكن هذه الحالة الأولى من نوعها، فقبلها كان أحد الملاك في حالة من الغضب لقطع الكهرباء عن داره، متناسياً أن اشتراك الدار الثانية التي سلم أمرها للمستثمر وتراكمت عليه ما يزيد على السبعين ألف درهم مستحقات للشركة المزودة للخدمة. للأسف توجد نوعية من الملاك يستسلمون بسهولة لإغراءات «مستثمري الغفلة» الذين يغرونهم بعوائد مرتفعة جداً مقابل شيكات مؤجلة، ويغادرون بعد أن يكونوا جمعوا ما فيه النصيب من المستأجرين الباحثين عن مأوى يتوافق مع إمكانياتهم المحدودة. ويتركون الملاك كذلك أمام المستحقات المطلوبة لدوائر الماء والكهرباء. لقد قامت الجهات المعنية بحملات قوية للقضاء على ظواهر سلبية كانت موجودة مثل «الكفيل النائم» الذي كان مستعداً لكفالة أي شيء، طالما سيدر عليه المال، ولا يستيقظ من سباته إلا بعد أن حركت البنوك الدائنة دعاواها، مطالبة بسداد ما اقترض منها «مستثمر الغفلة»، وبصورة عاجلة، بعد أن وصلت القضية المرفوعة في المحكمة لمرحلة التنفيذ من دون أن يدري بها صاحبنا. كما اختفى تجار التأشيرات في أعقاب التشريعات المتطورة، والفعالة التي اعتمدتها «العمل» قبل أن يصبح مسماها وزارة الموارد البشرية والتوطين، فقد نجح نظام حماية الأجور في حماية المجتمع من تلك النماذج والحالات الغريبة من صور الإساءة للإنسان. في الكثير من المواقع الإعلامية الأجنبية والأخرى المحلية باللغة الإنجليزية، تطالعنا من وقت لآخر صور لبنايات سكنية قطع عنها التيار الكهربائي والخدمات، وتصور السبب كما لو أن المالك هو الذي تأخر عن سداد المستحقات، أو يستخدم هذه الوسيلة والطريقة «لابتزاز» المستأجرين لرفع الإيجار عليهم، ويتجاهلون دور «مستثمر الغفلة» الذي يقف خلف المشكلة من أساسها، خاصة وهو يغري من يقعون في شباكه بأن الإيجار الذي يعرض عليهم يتضمن استهلاك الماء والكهرباء. هذه المشاكل والقضايا التي تشهدها السوق العقارية، والتي تسهم فيها كذلك المطبوعات الإعلانية التي توزع مجاناً، بحاجة لإجراءات حازمة، تصحح الوضع القائم.