اتصلت بي صديقة قديمة تهنئني وقالت بأعلى صوت: لايمضي يوماً إلا ودعوت الله فيه لك، لقد أسعدني العمل معك! فشكرتها بحرارة ومن أعماق قلبي وأعقبت تقول: الجبال تقف أيعتريك شك بأنها تعرف عن الصمود شيئاً نحن لانعرفه... تعلمت منك التفاني والإخلاص وعلى قولة مكيافيلي «عندما تقم بأمور جيدة فإنك تكسب محبة الأخيار وأكبر قدر ممكن من كراهية الأشرار». ضحكت فأجبتها بمقولةً أخرى له «عندما تكون العزيمة عظيمة لا تكون المصاعب عظيمة». فقالت: اليوم الخميس لماذا لاتضعين مجرياته في مكيافيليات. فقلت: tu che بالفرنسية. *** في جلسة معه كان وزيراً مفوضاً فوق العادة وهو من أحترم واُقدر فقد أخذ السلام وأعاده بأحسن مما وَصَله، سأل عن حالي، جاءت القهوة وبعدها سأل عن العلوم. لمست الروح منه إنسانية غير معهودة وصفاء جاء بالأمل وحبه للوطن فقلت في خاطري صدقت يا نيكولو مكيافيلي يوم قلت: «ليست الألقاب هي التي تشرّف الرجال، بل الرجال هم الذين يشرّفون الألقاب»... لاسيما في هذه الحالة. *** عند الأصيل كان موعدنا، دخلت بيتها فإذا بها تقول: وين سرتي تأخرتي؟ قايلتلي بتيين عقب صلاة العصر وتوه مأذن المغرب! فقلت لها: خالوة سامحيني الدروب مكتظة! وبعد الصلاة استرجعت معها شريط الذكريات وشربت لبن البوش وتقهويت وقبل أن أودعها قالت: الله يحفظك وينصرك على كل من عاداك. فقلت بإيمان ليلة الجمعة: اللهم آمين. والله يرد كيدهم في نحورهم فهم يطبقون مبدأ مكيافيلي «إذا كان لا مفر من أذية أحد فلتؤذه بقسوة تجعلك لا تخاف من انتقامه». وأنا شخص أعزه الله فلا غيرة ولا انتقام بل نورٌ وصفاء... دروبنا تختلف ونلتقي في رحاب الله. ويقول المثل «حد احشمه وحد احشم عمرك عنه.» *** يُصر نيكولو مكيافيلي على أن «الغاية تبرر الوسيلة» فلم أختلف معه كثيراً واستغربت لمن يُرهب الناس في عملهم كل يوم ويؤمن بما يقوله فيلسوفنا بأنه «من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك». ألم تحتضن هذا الشخص أمه ذات يوم وتعلمه حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».