المنتخب - أي منتخب - ليس أولئك اللاعبين ولا المدرب ولا الأهداف والنقطة والثلاث.. إنه أيضاً علم وبلد وشعب.. إنه تربية واستثمار للمستقبل.. هو عمل وإطلالة على الغد.. ولا يمكن أن تتعامل مع منتخب كما تتعامل مع نادٍ، ولا أن تختزل كل شيء في هدف، ولا أن تهدم المعبد وتحرق الجيل فقط لأنك «معصب».. ولأنك وأنت جالس في مقعدك، في درجة حرارة ضبطتها كما تريد، وجلسة رتبتها كما تريد.. أردت للمباراة أيضاً أن تنتهي كما تريد.. وحين لا يحدث ذلك يتعكر مزاجك، وتبدأ بإصدار الأحكام والفتاوى، وتطالب بين لحظة وضحاها أن نذبح المدرب واللاعبين، وإنْ لم نفعل سنكون «مطبلين». في 2006 خسرت ألمانيا نصف نهائي كأس العالم أمام إيطاليا، وخرجت صحيفة «بيلد» الشهيرة بعنوان «دنكي» أي شكراً، وخرج أكثر من مليون شخص يحتفلون بمنتخبهم بعد الخسارة.. ليس للمركز الثالث، ولكن لأنه أصبح لديهم فريق للمستقبل، وفي 2010 لم يتحقق حلمهم، بعد أن فاز الإسبان باللقب، فلم يغيروا المدرب أو ذبحوا اللاعبين، بل استمروا في دعم منتخبهم، حتى كان الانفجار في 2014، وكان اللقب الذي خرج من رحم المعاناة. صناعة فريق للمستقبل تحتاج الكثير، وأول ما تحتاج القدرة على الفهم واستشراف الغد.. انتقد كما تريد، ولكن بوعي،احزن واغضب وابك إنْ أردت، ولكن اعلم أن عليك مسؤولية في هذا البناء.. هذا الفريق، وهذا المدرب أكثر منك حرصاً على الفوز وعلى المجد.. وإنْ ضاعت بطولة لا تكن سبباً في ضياع بطولات قد تأتي. في مباراة الأبيض وأستراليا لعب الفارق البدني دوره لمصلحة «الكنجارو»، خاصة أننا لعبنا قبلها 120 دقيقة أمام اليابان، لكننا نسينا بعد الخسارة أننا فزنا على حامل اللقب.. اليابان. تحدث عن أي شيء.. عن الاحتراف الخارجي الذي لن يأتينا في يوم وليلة لأننا تقريباً لا نريده أن يأتي.. تحدث عن الأندية ودورها في إغلاق باب الاحتراف بقصد أو من دون قصد، في ظل رواتب مرتفعة.. تحدث عن ضرورة الاحتكاك مع فرق قوية.. لكن لا تحاول النيل من الغد ومن الاستقرار.. لا تهدم بناء الأمل ولا تقف في وجه المستقبل، وأخيراً تأمل في حال الدول المجاورة وستعرف تماماً أهمية «الاستقرار». كلمة أخيرة المكسب ليس فقط ما يأتيك الآن.. أحيانا يخبئ القدر ما هو أثمن وأروع.. لا تنظر تحت قدميك فالحياة فيها الكثير من الفرص.