هكذا هي العلاقة بين اللصوص، ما أنْ يكتشف الأمر، ويستعر الجمر بخدهم، يتقاطرون باتجاه الفراغ الوسيع، ويسلخ كل منهم جلده، ويخفي رأسه في الرمال.. علي عبدالله صالح، بلغة مرتبكة ولسان معقوف، ووجه مملوء بالكسوف، قالها ومن دون احترام لذاته وشعبه، إنه لم يعد يسيطر على الجيش، وإنه مستعد لترك حزب المؤتمر ومغادرة مكانه.. هذه اعترافات زور، كلمات لا تدل على شيء سوى أن أمثال هذا الرجل، لا موقف لهم في الحياة ومبدأ في السياسة، هؤلاء طفيليات طرأت على الواقع اليمني، وامتطت ناقة الحماقة بدافع العطش إلى السلطة، حتى وإن كلف ذلك دماء الشعب اليمني ومكتسباته وتاريخه، واليوم وبعد أن صارت الأمور في غير ما يشتهيه صالح، بدأ يتحدث بلغة مختلفة، لغة مليئة بالألفاظ والكلمات المتذمرة، من تحالفه مع الحوثيين، اليوم وبعد أن شعر أن الهزيمة تطوق عنقه، وعار دماء اليمنيين الأبرياء يغرقه، أصبح أمام مفترق طرق، فإما أن يواصل هستيريا التسلط ويلقى هزيمته المنكرة أو أن يهرب كما تهرب الجرذان الفارة من ناب ومخلب، ولكن هذه هي صفة الجبناء، يعلن بسرعة ويتبرأ من تحالفه ويلقي باللائمة على الحوثيين، لعدم خبرتهم السياسية. وماذا بعد يا صالح.. أبعد الخراب واليباب والعذاب الذي جلبته لليمن، تتبرأ مما اقترفته يداك؟ أبعد أن طعنت مَن مدَّ لك يد العون، وأنقذك من براثن الهلاك، تخرج اليوم بهذه اللهجة «البريئة».. أبعد أن تحالفت مع مَن باع الوطن لأعداء الوطن، وانضوى في شريعة الطائفية البغيضة، تعود اليوم لتمسك عصا القاضي، وتتهم من هم ليسوا أحسن منك حالاً.. لا جدوى، فالشعب اليمني اتخذ قراره، ولا بد من صنعاء وتطهير اليمن من حثالة جرته إلى الويلات، وأتعبت كاهله، بالفقر والأمية، وندرة الخدمات. لا بد أن يعود اليمن سعيداً، يُضاء بإرادة أبنائه، ومساندة المخلصين والأوفياء لهذه الأمة.. لا بد من أن ينتهي حبل الكذب، ويحقق اليمنيون خلاصهم، من ربقة الأحزان والاستيلاء والاستلاب، ولا بد أن تتطهر الجزيرة العربية، من دعاة التفرقة والطائفية، والعنصرية، والحقد والبغضاء.. لا بد وأن يحظى الجيل اليمني الشاب بحقه في العيش في أمان واستقرار، ويحقق ذاته في التعليم والصحة، والحياة الهانئة. فاذهب أنت إلى الجحيم، وإلى جوار طغاة سبقوك في التنكيل بشعوبهم.