(دو).. حين نجوس مرة عبر حقول الشوق، نذوب في تصوف العبادة، نرفع للمحبة الصلاة. وحينما تفجعنا سخافة الحياة ويرتمي الأنين في القرار. نلعن أن نجيء من دون إرادة. (ري).. صديقتي إني حزينة، سأصرخ ملء وريدي: حزينة وملء دمي مرارة حزن خفي، يفيض غزيراً كغيم غضوب، كلحن تهاوى..تكسر خلف امتداد الغيوب. كعتمة درب تنادي وحشة ليل كئيب، كقسوة جرح لوعة ثكلى لميت تكفن فيه الشحوب! (مي) .. والحزن يا صديقتي هادئ حنون، مرة.. ومرة يصخب في جنون. فحين تسكن الجراح ويخفت الأنين والنواح وتسقط الصور كصخرة الجدار في قرارك العميق لا ضوء.. لا ظلال.. لا صدى.. لا شيء غير الصمت والوجوم..غير الصمت والوجوم! وعندما يسور جرحك الدفين وتعتريك رعشة الألم وينزف الوريد في أحشائك الأنين، وتصخب الرؤى رهيبة.. كرعب ليلة المريض في احتضاره، كصرخة البريء حين يخطئ القضاة. تود لو تمزق السنين.. تود لو تلفظك الحياة، محارة مفرغة على شواطئ العدم. وعندما تجتاح ثورة الألم وتنطق الشفاه: (رباه إنني حزين) يفتض في عروقك الجنون! (فا).. صديقتي إني حزينة بأكثر مما تقول حروفي وأكثر مما تضم المعاني وأبعد مما يدل وجومي وصمتي ويوحي إليك بأني حزينة! (صول) .. متئدٌ أنت بطيء النبض تنحت في أعصابي الحرى اكتئاباً وتغطيها تسابيح نفايات ضباب. لم ما زلت على روحي عبئاً سأماً.. لوناً رمادياً وغصّات اغتراب. غثيان صخب الناس على نفسي. حمّى مرة.. وخز عذاب. ولماذا يصخبون؟ ما الذي تحويه أحداث على الأرض تدبُّ وهَم العيش تراه أمنيات في خفايهم، أباطيل، ترهات عتيقة؟ ما الأباطيل ترى..؟ ما الوهم؟ ما كنه الحقيقة؟! مالذي تخفي عيون حجّر الصمت رؤاها، وخبا وهج.. تلاشى في ثنايا مقلتاها! أترى هذا المساء سوف يأتي مرة أخرى مساء، وسيمضي وكأن العمر ما مرَّ ولا مرَّ الشتاء؟ آه لا يا درب لا تقصر ولا تمحو خطاي، دون أن أشرب قطرة.. دون أن أقطف زهرة، دون أن أذرف للفرحة عبرة! (لا).. امدد ذراعيك غيبني على شفتيك أسرار بلا حد. على جفنيك أحلامي وإبحاري ولا مدّ. أخاف الموت لو تنأى يراودني وينزفني ويلقيني على درب تئن الريح في أحشائها وحشة. وأبحرُ دونما سفنٍ إلى منفاي حيث الموت والغربة، وحيث الحزن أسوار وتجديف وأسفار، وحيث الحزن أوجاع وآلام وتعذيب بلا حدّ! (سي).. جاء الحزن الأخضر، جاء ورافقني. أبحرنا.. لم نفتح أبواب العالم، شرّعنا أبواب الحب! Hamda.khamis@alIttihad.ae