أمر يومياً في طريقي للعمل بمركز سوق زايد التجاري في قلب عاصمتنا الحبيبة، وأتأمل في طريقة تعامل الشركة المشغلة للمركز مع الفراغات التي بينه وبين المباني المجاورة له مثل مركز «اللؤلؤ» وسوق الذهب، وكيف جعلوا منها مساحات تنبض بالحياة، حيث قاموا بتكييفها ومن ثم تأجير منصات على جوانبها لمشاريع صغيرة وبسيطة كركن لبيع الشاي «الكرك» والمأكولات الشعبية الخفيفة، ومنافذ لبيع الإكسسوارات، وغيرها من الأمور التي تلقى إقبالاً من جمهور المتسوقين لدرجة أن هذه الممرات التي كانت خاوية قبل ذلك قد أصبحت قبلة للمترددين على السوق الشعبي الشهير. وهنا تتجلى قدرات القطاع الخاص في الابتكار واستغلال كل مساحة متاحة، وجعلها قابلة للحياة والنمو والازدهار بدلاً من أن تكون جرداء ومجرد ممر يخلو من أي مظاهر حيوية تستفيد منها كل الأطراف. ومقابل هذا المثال الذي قدمته، وغير بعيد منه يقع نفق لبلدية أبوظبي أقيم للمشاة ليعبروا طرفي الشارع من أجل سلامتهم، ولكن الذي صممه ونفذه لم يضع في الاعتبار ليس فقط إمكانية الاستفادة منه، ولكن حتى ترغيب البشر الذي أقيم من أجلهم على الإقبال عليه. فهذا النفق كغيره من الأنفاق التي أقامتها البلدية لا يوجد بها حتى شفاط أو منفذ للتهوية مما يجعل عبوره في مثل هذه الأيام مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، نوعاً من العقوبة. وأنا أدعو أي مسؤول للبلدية للعبور منه لا أقول خلال فترة الظهيرة، وإنما حتى في المساء ليشعر بما يشعر به عباد الله المضطرون لاستخدام النفق. لو أن مثل هذا المكان أوكل تنفيذه أو إدارته للقطاع الخاص لتفنن في استغلال كل سنتيمتر من المكان، ولبادر لجعله مكيفاً ونشر أكشاكاً صغيرة تبيع سلعاً بسيطة أو خدمات تهم الجمهور مثل أجهزة دفع الفواتير أو تعبئة أرصدة الهواتف بدلاً من العمالة الهامشية المنتشرة هناك، وتقدم صورة سلبية وغير حضارية عن البلاد. والبعض منها تمارس حالة من التسول المبطن، وهي تعرض للجمهور خدمات غريبة مثل معرفة وزن الجسم أو إرشادهم إلى صالونات التدليك المتفشية وتوزيع البطاقات التي تحمل عناوينها ومواعيد العمل فيها. نموذجان ومثالان يعبران عن طريقة تفكير قطاعين في وطن تحض قيادته الجميع على التفكير المبدع والابتكار للارتقاء بالخدمات وجودة مستواها لإسعاد المتعاملين، مواطنين ومقيمين، في وطن السعادة.